قصة طفل مقدسي تعيد إلى الأذهان جريمة حرق أبو خضير

كانت على يقين بأن نجلها يزن يجلس على مقعده الدراسي داخل صفه، فقد خرج عند الساعة السابعة والنصف صباحاً من منزله باتجاه المدرسة، ولم تتخيّل أنه قد يقع ضحية لاعتداء مستوطنين يهود قاموا باختطافه وضربه وإلقائه في أحراش قرية "دير ياسين" غرب القدس المحتلة.

تروي فاتن والدة الفتى يزن الهدرة (16 عاماً) الذي اختطفه مستوطنون بالقرب من مدرسته "الشاملة للبنين" في حي الطور صباح السبت الماضي 14 تشرين ثاني/ نوفمبر، وتقول إنها طلبت من نجلها الابتعاد عن مناطق المواجهات التي اندلعت في الحي، خوفاً عليه من إصابته بأي أذى، غير أنها لم تتوقّع أن يأتِه الاعتداء من قبل المستوطنين الذين اقتحموا الحي واعتدوا على يزن وألقوا به في سيارتهم وذهبوا به بعيداً.

وفقاً لما روى يزن ما بعد الحادثة، فإن ثلاثة من المستوطنين اليهود يستقلّون مركبة بيضاء اللون، نزلوا منها وقاموا بإبراحه ضرباً والاعتداء عليه وهو في طريقه إلى المدرسة، ورشوا على وجهه مادة أفقدته الوعي لفترة استفاق بعدها ووجد نفسه بين الأشجار، عَلم فيما بعد من خلال إشارات الطرق أنهم ألقوا به في أحراش قرية دير ياسين غرب القدس.

تقول فاتن الهدرة "باغتني ذاك الاتصال من قريبتي وهي تطلب مني المجيء إلى منزلي، على خلفية تعرّض ابني للاختطاف والضرب، وحينها كنت في عملي ولم أجد نفسي إلا وأنا أحمل هاتفي واتّصل فوراً بمدرسة يزن التي لم تستجب لاتصالاتي المتكررة إلا بعد حين، ليخبروني بأنه تغيّب عن الدوام"

وحمّلت إدارة المدرسة مسؤولية ما حدث مع نجلها، قائلةً "في الوقت الذي كنتُ أفكّر فيه بأن ابني في المدرسة، كان تحت تأثير مادّة سامّة لا أعلم ما هي، أفقدته الوعي، وتعرّض بعدها للضرب والتنكيل من عصابات المستوطنين، وكان بإمكان المدرسة أن تتصل بنا منذ بداية اليوم لتخبرنا بأن يزن لم يحضر للمدرسة، لنتّخذ بعدها الإجراءات اللازمة".

وتضيف "لا يمكنني وصف شعوري حينما رأيته، كان شاحباً، خائفاً، على وجهه آثار الاعتداء وبعض الدم، نقلته ووالده فوراً إلى المستشفى، فقد عاد هذا الشاب وهو ليس طفلاً هو شاب، عاد كأنه طفل يبلغ من العمر ثماني سنوات"، هكذا قالت فاتن لمراسلة "قدس برس".

بدت على يزن مظاهر الخوف والقلق مردّداً عبارات الاستنجاد بعائلته وهو يقول "أبي لا تذهب، أمي انتظري لا تتركيني، ماذا يريد هذا الشرطي، فلتبعدوا هذه عنّي، هؤلاء سيضروا بي"، تروي والدته وتقول إن هذا ما حدث مع نجلها أثناء تلقيه العلاج والفحوصات في مستشفى "شعاري تصيدق" في القدس المحتلة، فقد تصوّر نفسه مكان الفتى محمد أبو خضير الذي قضى حرقاً على أيدي المستوطنين في أحراش "دير ياسين".

فكان لافتاً في حديث يزن وفقاً لوالديْه هو استذكاره لحادثة قتل وحرق الفتى أبو خضير العام الماضي، رغم أنه لا يعرف المكان، لكنه قد حفظ الاسم جيداً، فأثناء حديثه مع الطبيب، قال يزن "أخذوني للمكان الذي قتلوا فيه أبو خضير"، ليرّد الطبيب "ما الذي دعاك لاستذكار هذه القصة الآن؟"، فيجيب الفتى "لأنهم قتلوه بين أحراش دير ياسين".

ويضيف يزن "وجدت نفسي في مكان غريب، بين الأشجار، ولا طريق أمامي، ولا حتّى أشخاص (فقد كان السبت وهو يوم عطلة بالنسبة لليهود ومن يعمل معهم)، وبصعوبة تمكّنت من الوصول إلى الشارع الرئيسي ووجدت اللافتة التي دلّتني على مكان وجودي، وهناك استوقفني رجل فلسطيني فسألني عن حالي ولمَ أنا هنا وفي هذا الوضع، ومن فعل بي ذلك، فقام بمساعدتي وأوصلني إلى جبل الزيتون حيث أقطن بعد أن رويت له ما حدث معي".

تقول فاتن في روايتها لـ "قدس برس"، "لم أتخيّل أن يكون المستوطنون بهذه الجرأة، فنحن نتحدّث عن مكان يعجّ بالمركبات والناس والطلاب صباحاً، وفي الوقت الذي كنتُ فيه غاضبة وأشعر بالقهر بسبب ما حدث، لكنّي الآن أحمد الله طيلة الوقت بعد أن أعاد لي ابني يزن سالماً، رغم أنه الآن لا يريد الخروج أو الذهاب للمدرسة، وعاد كالطفل الصغير".

وتضيف "نعلم تماماً بأننا مهما قدّمنا لشرطة الاحتلال من أدلّة وإثباتات تؤكد ما جرى مع يزن، لكنّنا متأكدون بأن حقه قد هُدِر، فقتلة أبو خضير ما زالوا من غير محاكمة بعد مرور أكثر من سنة على حرقه استشهاده".

وتعيد قصة يزن إلى الأذهان ما حدث مع الشهيد المقدسي محمد حسين أبو خضير (16 عاماً) بتاريخ 2 تموز/ يوليو 2014، حيث كان محمد متوجّهاً لصلاة الفجر في المسجد القريب من منزله في بلدة شعفاط شمال القدس المحتلة، حين اعترضت طريقه سيارة مستوطنين خطفته من الشارع قبل وصوله، وتوجهت به نحو أحراش "دير ياسين"، وهناك قام ثلاثة مستوطنين بضرب وتعذيب وحرق الفتى أبو خضير ليقضى إثر ذلك شهيداً، في حين لم تتم حتى الآن محاسبة أي من الجناة.

مواضيع ذات صلة
اسرائيل تبرئ المتهم الرئيسي في جريمة حرق الطفل أبو خضير
قررت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس المحتلة، اليوم الاثنين، عدم إدانة مستوطن اسرائيلي متهم بتنفيذه جريمة قتل وحرق الفتى الم...
2015-11-30 09:51:39
عملية اغتيال زئيفي .. بطولة لا زالت حاضرة في الأذهان
رغم مرور 15 عاماً على العملية النوعية، التي نفذتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، باغتيال الوزير الاسرائيلي رجبعام زئيفي، إلا انها ...
2016-10-17 17:50:03
الاحتلال يمنع المحرر الأردني أبو خضير من المرور إلى بلاده
منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، عصر اليوم الاثنين، الأسير الأردني المحرر أسيد أبو خضير من المرور إلى الأردن. وقال محمد أبو خضير، ...
2022-06-13 14:18:40