جامعيون نغّص الاحتلال دراستهم فأتموها رغم تكرر الاعتقال

لا تنحصر معاناة الشاب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة، بكونه عرضة للاعتقالات والاعتداءات اليومية فحسب؛ بل تتجاوز ذلك لتشمل استهدافاً متعدّد الطرق والأساليب لمستقبل هؤلاء، لا سيّما فيما يتعلّق بحياتهم الأكاديمية.

يتعمّد الاحتلال تجهيل جيل بأكمله بفرض القيود وتضييق الخناق على الطلبة منهم، ويرمي من خلال الاعتقالات والاستدعاءات والمطاردات المتكررة لهؤلاء، إلى بث اليأس في أرواحهم وحملهم على هجر المسيرة التعليمية.

في الوضع الطبيعي، تستغرق مرحلة الدراسة الجامعية لتحصيل شهادة الـ "بكالوريوس" في غالبية التخصّصات مدة أربعة أعوام، وهو ما يفترض أن يكون الحال عليه في الأراضي الفلسطينية، غير أن المضايقات الإسرائيلية المتكررة للطلبة الجامعيين تجعل من عمر مسيرتهم التعليمية يمتد إلى أكثر من ذلك، وقد يصل إلى عقدين وأكثر من الزمن.

وتمثل قصة الطالبين الجامعيين عبد الباسط الحاج، من قرية جلقموس قرب جنين (الواقعة شمال القدس المحتلة)، ومحمود أبو وردة من مدينة الخليل (جنوب القدس المحتلة)، نموذجًا لمعاناة المئات من الطلبة الفلسطينيين بسبب اعتداءات الاحتلال.

أنهى عبد الباسط الحاج تعليمه الثانوي والتحق بـ "كلية الروضة" في مدينة نابلس عام 1991، تعرض خلال لعدة اعتقالات من قبل الاحتال، وأمضى في السجون الإسرائيلية 20 شهرًا،  ليفرج عنه عام 1994، ليجد نفسه في لم يتخطى عامًا دراسيًا واحدًا.

وذكر الحاج في حديث لـ "قدس برس" أن انتهاك الاحتلال لحريته في الحركة، ومنحه للبطاقة الخضراء في ذلك الوقت، (بطاقة تعطى للأشخاص الذين يعانون من مشاكل أمنية لدى الشاباك الإسرائيلي، بدلًا من البطاقة الشخصية لمدة 6 شهور)، واعتقاله، "أدى لانقطاعه عن الدراسة".

وأشار إلى أن إعادة اعتقاله لـ 38 شهرًا إداريًا من قبل الاحتلال وامتدادها لعام 1998، أجبرته على الانتساب لجامعة القدس المفتوحة في جنين، والتي تخرج منها بتخصص اللغة العربية عقب 17 عامًا.

وأوضح أنه تعرض للاعتقال خلال دراسته في "جامعة القدس المفتوحة" عدة مرات وأمضى ما يزيد عن الـ 10 سنوات في سجون الاحتلال، إلى جانب عامين كـ "مطادر ومطلوب" لقوات الاحتلال خلال "انتفاضة الأقصى" (الانتفاضة الثانية).

وانتقد الحاج، عدم تعاون إدارة جامعته معه خلال اعتقاله، ورفضها مقترحات بتأدية الإختبارات النهائية للمواد الدراسية من داخل الأسر عن طريق محاميه، مؤكدًا "لم أشعر أنها مؤسسة وطنية، بل كانت تتصرف بحزبية"، على حد تقديره.

وتابع "بعد 24 عامًا من إنهائي لدراستي الثانوية، تخرجت العام الماضي من جامعة القدس المفتوحة، وحصلت أخيرًا على درجة البكالوريوس". مؤكدًا أنه سيعمل على استكمال دراسته العليا.

وقال "طلب العلم بات يشكل تحدٍّ بين الفلسطيني والاحتلال، والتعلم عماد رفعة القضية، وهو لدعم القضية، كما هو مطلوب من المقاتل أن يحمل السلاح".

وفي سياق متصل، قال الطالب محمود أبو وردة، إنه لم يضع في حساباته أنه سيستغرق 20 عامًا لإنهاء دراسته الجامعية والحصول على درجة الـ "بكالوريوس" والتي تستلزم الدراسة مدة أربع أعوام فقط.

والتحق أبو وردة بمقاعد الدراسة عام 1996، ضمن تخصص الشريعة الإسلامية في جامعة الخليل، مبينًا أنه تعرض للاعتقال عدة مرات من قبل الاحتلال، وأمضى في السجون الإسرائيلية عدة سنوات.

وأفاد أبو وردة في حديث لـ "قدس برس"، بأن ضابط المخابرات الإسرائيلي توعده بأنه لن يُنهي دراسته قبل 20 عامًا، وهو ما حصل فعلًا بتكرار الاعتقالات، وفي أوقات تقديم الامتحانات النصفية والنهائية، ما يعني إضاعة الفصل كاملًا"، وفق لقوله.

وأشار إلى أنه تمكّن من استكمال متطلبات الحصول على شهادته الجامعية، بتأدية العديد من الاختبارات وهو قابع داخل الأسر.

ـــــــــــــــــــــــــ

من زيد أبو عرة ويوسف فقيه

تحرير: خلدون مظلوم

مواضيع ذات صلة
الاحتلال يعتقل 6 فلسطينيين من الضفة بينهم نشطاء جامعيون
شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الخميس، حملة اعتقالات بالضفة الغربية المحتلة، طالت ستة مواطنين فلسطينيين، بينهم نشطاء جام...
2017-04-13 05:41:21
الاحتلال يعتقل 31 فلسطينياً بالضفة غالبيتهم طلبة جامعيون
شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، حملة دهم واعتقالات في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية والقدس المحتلة، طالت 31 فلسطين...
2022-09-16 06:42:00
الجزائر.. جامعيون يصدرون قاموسا للمصطلحات الرياضية بالعربية والانجليزية والفرنسية
أطلق جامعيون وباحثون جزائريون في مجال الرياضيات مشروع قاموس للرياضيات هو أول قاموس رياضيات ثلاثي اللغة انجليزي فرنسي عربي. المشرو...
2017-04-20 11:12:01