"فلاحات القدس" .. نموذج لمعاناة المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال

يحتفل العالم اليوم الثلاثاء، بـ "يوم المرأة العالمي"، إلا أن هذه المناسبة في مدينة القدس المحتلة لها نكهة خاصة، حينما ترى الفلاحات الفلسطينيات وهن يفترشن أرصفة البلدة القديمة، لبيع بعض محاصيل أراضيهنّ التي قمن بزراعتهن بأنفسهن ومساعدة عائلاتهن.

الحاجة "أم عزمي" عقل، هي إحدى تلك النسوة اللاتي أصبح يطلق عليهن "فلاحات القدس" لارتباطهن بالمدينة ودأبهن، بالتواجد على عتبات الأقصى.

ورغم كبر عمرها الذي ناهز المائة عام، وانحناء ظهرها، لم يمنعها ذلك من أن تخرج بشكل شبه يومي من بلدتها "حلحول" (شمال مدينة الخليل)، وعلى ظهرها كيسيْن كبيريْن، بما أعطاها الله من قوة لحملهما، متكئة على عصاها، في رحلتها إلى مدينة القدس.

وتقصد مدينة بيت لحم، حيث الباصات التي تقلّها إلى القدس مباشرة، رغم الحواجز الاحتلالية التي تُعيق تنقّل مئات المواطنين الفلسطينيين.

الحاجة "أم عزمي" بثوبها الفلسطيني الأسود والمطرّز بالأحمر، وشالها الأبيض اللذي يلّف جسدها، لا تفترش الأرض لتبيع ما لديها، من خضراوات فحسب، بل من أجل "القدس الغالية".

وتقول الحاجة لمراسلة "قدس برس" : “يا بنيّتي إن القدس غالية علينا، فأنا أكسب صباحها يومياً، إلى جانب زيارة المسجد الأقصى المبارك، والصلاة فيه، هذا هو الكنز، وليس ما نربحه مما نبيعه يومياً”.

تُحبّ الحاجة “أم عزمي” هذا العمل بشدّة، ورغم كبر سنّها إلا أنّها تنعم بقوة إلهية تجعلها تتنقّل دونما شعور بأي تعب، هي أرملة، وأم لأربعة أولاد وبنت، جميعهم متزوجون، ولديها 12 حفيداً، تستذكر كم كانت تُعاني قديماً هي وزوجها، حينما كان أولادها صغاراً تحمل على كتفها واحداً، وآخر يمشي ممسكاً يدها، وتخرج للحصول على الماء من “العين”، وزوجها يكون في الأرض مع والده وإخوته.

وتضيف، في حديثها، أنها الآن تعيش بين أولادها وأحفادها "ملكة" كما تحب أن تصف نفسها، "هم يزرعون ويفلحون، ويربّون المواشي، وهي تقوم بالحصول على جزء من المحاصيل وتبيعها في القدس".

وتروي الحاجة “أم عزمي” لـ”قدس برس” حادثة تأخّرها عن منزلها بسبب إجراءات الاحتلال، وتقول: “في أحد أيام الانتفاضة الحالية كانت قوات الاحتلال قد أغلقت إحدى الطرق المؤدية إلى حلحول، ولم تقم بفتحها إلّا في ساعة متأخرة من مساء ذاك اليوم، فجنّ جنون أولادها وأحفادها منهم من قال بأنها “ضاعت”، وآخرون قالوا “ماتت”، حتى فتحوا الطريق وعادت لمنزلها. ورغم معارضتهم لخروجها إلّا أنها تصرّ على المجيء للمدينة متى شاءت.  

الفلاحات الفلسطينيات في القدس، يُعانين الأمرّيْن من الاحتلال الإسرائيلي، قد لا تُعاني “أم عزمي” كثيراً بسبب كبر سنّها، لكنّ العديد منهنّ لا يستطعن التنقّل أو حتى أن يبعنَ ما لديهن، بسبب تصاريح الدخول إلى القدس أولاً، وملاحقة “بلدية الاحتلال” لهنّ ثانياً.

لكن، ما يهوّن عليهنّ الأمر هو مساعدة المقدسيين لهن، سواء أصحاب المحال التجارية، أو الناس بشكل عام، فما إن يشاهدوا طواقم بلدية الاحتلال تنتشر بين الأسواق أو تقترب من إحداهنّ، حتى يقوموا بتنبيههنّ بأنهم “جاؤوا” وعليهن مغادرة المكان على الفور، ولا يكتفون بذلك، بل يساعدوهنّ ويحملون أيضاً بضاعتهن خوفاً من مصادرتها فهي “مصدر رزقها” الوحيد. 

_______

من فاطمة أبو سبيتان
تحرير إيهاب العيسى

مواضيع ذات صلة
يوم المرأة العالمي .. المرأة الفلسطينية دور بارز بمواجهة الاحتلال (إطار)
تشارك المرأة الفلسطينية اليوم الثلاثاء، نساء العالم بإحياء "يوم المرأة العالمي"، وتأتي هذه المناسبة مع استمرار اندلاع انتفاضة القد...
2016-03-08 12:50:43
سورية .. تقرير توثيقي لمعاناة مخيــم "العائدين" في حمص
أصدرت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" اليوم الثلاثاء (24|11)، تقريراً توثيقاً حمل عنوان "مخيم رهـن الاعـتقال العائدين ـ حمص"،...
2015-11-24 09:58:58
أمين مساعد الجامعة العربية يؤكد على ضرورة وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني
أكد الامين العام المساعد للجامعة العربية رئيس قطاع فلسطين والاراضي العربية المحتلة سعيد أبوعلي، اليوم الأحد، على ضرورة وضع حد لمعا...
2020-11-29 21:01:29