ضحايا "تل الزعتر".. أربعة عقود مضت ولا قبور تحتوي جثامينهم

مع مرور الذكرى السنوية الأربعين لمجزرة مخيم "تل الزعتر" (أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان)، تتجدّد الدعوات الحقوقية إلى وضع حد للانتهاكات التي تُمارس بحق اللاجئين في مختلف أصقاع العالم.

وكان مخيم "تل الزعتر" (شمالي شرق بيروت)، وهو أحد المخیمات الـ 16 في لبنان المسجلة لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، قد تعرّض لمذبحة نفذتها قوات تابعة لأحزاب يمينية لبنانية، تمثلت بإطلاق أكثر من 55 ألف قذيفة على المخيم الذي كان يحوي آنذال نحو 50 - 60 ألف نسمة، مصحوبة بحصار مشدد حتى تم السيطرة على المخيم في 12 أغسطس/ آب 1976.

المأساة الحقيقية لمخيم "تل الزعتر" بدأت، عندما فرضت قوات الكتائب اللبنانية، وحزب الوطنيين الأحرار، (القوات المسيحية)، بدعم من الجيش السوري، حصاراً على المخيم في بداية شهر كانون الثاني/يناير عام 1976، بهدف التضييق على المقاتلين الفلسطينيين، الذين كانوا آنذاك، ملتحقين بالثورة الفلسطينية.
 
لكن الكابوس الأكبر، بدأ بعد خمسة أشهر من العام نفسه، ففي 22 حزيران/ يونيو، شنت القوات اللبنانية المسيحية هجوماً واسعاً على "تل الزعتر" وتجمعين مجاورين له، هما جسر الباشا والتبعة.
 
على مدى 55 يوماً، أمطرت القوات المخيم بالقذائف والصواريخ، وصلت بحسب ما أشارت مصادر لاحقاً إلى أكثر من 55 ألف قذيفة، سالت بسببها دماء المئات من الفلسطينيين، كباراً وصغاراً، أطفالاً نساء.على مدى 55 يوماً، أمطرت القوات المخيم بالقذائف والصواريخ، ما أسفر عن استشهاد أكثر من ألفي لاجئ فلسطيني.

وقال "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، إن جثث المئات من ضحايا مجزرة "تل الزعتر" لا زالت "بدون قبور معروفة حتى اللحظة"، رغم مرور 40 عامًا على المجزرة البشعة.

وأفاد "الأورومتوسطي" (منظمة مستقلة غير ربحية تأسست في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 وتتخذ من جنيف مقرًا لها)، بأن الشهادات المختلفة تُشير إلى أن ما تم استرجاعه من جثث الضحايا يقدر بالعشرات فقط؛ حيث تم استرجاع نحو 80 جثة فقط بشكلٍ جماعي بعد ثلاثة أشهر من انتهاء المجزرة، إضافة إلى عشرات الجثث الأخرى التي استرجعتها عائلاتهم فُرادى مقابل دفع مبالغ مالية.

وأضاف "تلك القضية المسكوت عنها منذ سنوات طويلة، ما زالت تمثل هاجسًا مستمرًا لأهالي الضحايا (...)؛ حيث دفنت جثث أبنائهم في عمق لا يتجاوز المتر في أراضٍ صغيرة تحت الأنقاض أو مواقف السيارات وفي محاذاة جدران المصانع والمعامل المتداخلة مع المخيم".

واعتبر أن إبقاء جثث الضحايا لتلك الفترة الطويلة من الزمن دون قبور معروفة تأويهم، والإبقاء عليها في أماكن أصبح يستخدمها عامة الناس يعدّ "انتهاكا لحرمة وكرامة جثث الضحايا وعائلاتهم".

وطالب كافة الأطراف في لبنان؛ لا سيّما الحكومة، بفتح ملف مجزرة "تل الزعتر" وبذل الجهود لاستعادة المفقودين وجثامين الضحايا أو معرفة أماكنها وتبليغ الأهالي بها.

وتباينت التقديرات حول عدد ضحايا المجزرة؛ ففي حين أشارت معطيات إلى سقوط 1500 إلى 2000 شهيد؛ غالبيتهم من المدنيين الذين قتل معظمهم بالتصفيات الجسدية، تؤكد بيانات وأرقام حقوقية أخرى على أن العدد الإجمالي للضحايا منذ بدء حصار المخيم حتى انتهاء المجزرة يتراوح مابين 3000 إلى 4280 ضحية، قتل نصفهم داخل المخيم.

وبحسب المرصد الحقوقي، فعلي الرغم من مرور أربعة عقود على المجزرة إلا أن عشرات العائلات لم تُبلغ حتى اللحظة بمصير أبنائها.

ودعا "الأورومتوسطي" في بيانه، إلى "أن تكون ذكرى المجزرة البشعة منطلقًا لوضع حد للانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها اللاجئون والفئات المستضعفة في كل أماكن إقامتهم".

ومن الجدير بالذكر أن مخيم "تل الزعتر" قد تأسس عام 1949 (بعد عام على نكبة 1948)، ويقع في القسم الشرقي لمدينة بيروت (العاصمة اللبنانية)؛ المنطقة التي كانت تسيطر عليها الأطراف المسيحية إبان الحرب الأهلية، ومساحته كيلومتر مربع واحد.

سبقت الأحداث الدامية في تل الزعتر العديد من المناوشات الدامية بين القوات اللبنانية المسيحية المارونية والقوات الفلسطينية، وكانت عادة تبدأ بحدث استثنائي يتم بعده التصعيد بين الجانبين وحصد أرواح المئات والآلاف.

وانتهت المجازر في 14 آب/ أغسطس 1976، بعد أن خلفت آلاف الشهداء الفلسطينيين وأسفرت عن سقوط مخيم "تل الزعتر" والذي يذكره عدة مؤرخين؛ من بينهم اليهودي "إسرائيل شاحاك"، بالقول "إن حصاره من قبل القوات المسيحية حظي بدعم كامل من إسرائيل وأمريكا".


ــــــــــــــ

من خلدون مظلوم
تحرير زينة الأخرس

مواضيع ذات صلة
"الصحة العالمية" توصي بزيادة أسعار المشروبات التي تحتوي على نسب سكر مرتفعة
أوصت منظمة الصحة العالمية، اليوم الثلاثاء، صناع القرار السياسي والاقتصادي في العالم لزيادة أسعار المشروبات التي تحتوى على نسبة عال...
2016-10-11 11:04:12
الضفة الغربية.. تشييع جثامين أربعة شهداء أفرج الاحتلال عن جثامينهم
شيّع آلاف المواطنين الفلسطينيين في مدينتي رام الله ونابلس، اليوم الأحد، أربعة شهداء أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن جثامينهم، ا...
2016-01-03 14:54:45
"تل الزعتر".. شهادة الركامٌ تمتد منذ 40 سنة
الدمار ما زال يحيط بالمكان من كل جنب وزاوية..ركام منازل هنا، وحطام محلات هناك..ودماء شهداء تأبى رائحتها أن تتلاشى، رغم مرور 40 سنة...
2016-07-24 09:27:17