الحكومة المصرية: "تشيوس" يونانية وللأوقاف أملاك بجزيرة "ثاسوس"

أستاذ التاريخ يؤكد وجود لبس ما بين الجزيرة التي تضم أوقافا مصرية وبين الجزيرة التي يتم تداولها اعلاميا

نفي مجلس الوزراء المصري، اليوم الثلاثاء، ملكية مصر لجزيرة "تشيوس" اليونانية، الواقعة بالبحر المتوسط ، فيما أكدت وزارة الأوقاف أنها لن تتنازل عن بعض أملاكها بالجزيرة ذاتها.

جاء ذلك ردًا على دعوى قضائية وأحاديث متصاعدة على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، يقول إن مصر "تنازلت" عن جزيرة تسمى "تشيوس" لليونان، ضمن اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين، وأن هذه الجزيرة ملك لمصر، فيما كانت اليونان تدفع إيجارها البالغ مليون دولار سنويا.

ونقل "مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار"، التابع لمجلس الوزراء المصري، في بيان له، اليوم الثلاثاء، إن "جزيرة تشيوس تعود ملكيتها من الأصل للدولة اليونانية وليست ملكاً للدولة المصرية على الإطلاق".

وأضاف البيان أن الجزيرة "ملتصقة جغرافياً بالحدود اليونانية وبعيده كل البعد عن الحدود المصرية ولم تكن في يوم من الأيام ملكاً لمصر أو خاضعة للسيادة المصرية"، مشيرا إلى أنه "لم يتم ترسيم أي حدود بحرية مع الجانب اليوناني حتى الآن".

وأشار البيان إلى أن "لمصر بعض الممتلكات تتبع وزارة الأوقاف المصرية على جزيرة ثاسوس اليونانية ونفت (وزارة الأوقاف) التنازل عنها وأكدت سعيها لاستثمارها الاستثمار الأمثل وترميم بعضها الآخر"، وهو الأمر الذي أكده بيان لوزارة الأوقاف المصرية أمس أيضا.  

وأوضحت وزارة الأوقاف، في بيانها، أن وفدًا رفيع المستوى من هيئة الأوقاف المصرية برئاسة وكيل وزارة الأوقاف لشؤون الاستثمار بالهيئة، وممثلا عن وزارة الآثار، وممثلا عن هيئة التنمية السياحية، سيتوجه إلى اليونان عقب عطلة عيد الأضحى، لدراسة الاستثمار الأمثل لأملاك هيئة الأوقاف باليونان، وترميم ما يحتاج إلى ترميم من الآثار المملوكة لها بمدينة كافالا وجزيرة ثاسوس.


وأقام محاميان دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري للمطالبة بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية بتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان، فيما تضمنته من التخلي والتنازل عن جزيرة "تشيوس" بالبحر الأبيض المتوسط. 

وكشفت الدعوى المقامة ضد كلا من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزيري الأوقاف، والخارجية، أنه في اعقاب رفض الحكومة اليونانية سداد مبلغ مليون دولار قيمة إيجار جزيرة تشيوس السياحية للأوقاف المصرية طبقاً للعقد المبرم بين الحكومة اليونانية والحكومة المصرية سنة 1997 يؤكد فيه الطرفين ملكية الجزيرة لمصر، أن اليونان ادعت انها ملكها بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجديد الذي وقع عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس في 201.

وهاجم الروائي علاء الأسواني، الرئيس عبد الفتاح السيسي، على خلفية ما أثير مؤخرًا من تنازل مصر عن جزيرة "تشيوس" لليونان. 

وقال الأسواني في تغريدة عبر حسابه على "تويتر": "هناك جزيرة مصرية اسمها تشيوس كانت اليونان تستأجرها من مصر مقابل مليون دولار سنويًا، السيسي تنازل عن الجزيرة لليونان العام الماضي، شيء مؤسف".

توضيح اللبس

ويؤكد أستاذ التاريخ في الجامعة الامريكية بالقاهرة، خالد فهمي، أنه لا صحة لتنازل مصر عن جزيرة "تشيوس" أو "خيوس" لليونان، منتقدا في الوقت نفسه عدم الإعلان عن تفاصيل اتفاقية ترسيم الحدود قائلا "نحن كمصريين لا نعلم تفاصيل اتفاقية ترسيم الحدود التي وقعتها الحكومة المصرية مع الحكومة اليونانية عام ٢٠١٥، وأي جزر ضمت أو استبعدت".

ويقول "فهمي" لـ "قدس برس" إن هناك لبسًا واضحا في الأخبار المتداولة، فالجزيرة التي تضم أوقافًا مصرية هي جزيرة "ثاسوس" أو "طاشيوز" طبقا للغة العثمانية، التي تقع شمال بحر إيجة بجوار مدينة "قولة"، مسقط رأس محمد علي باشا، وليست جزيرة "خيوس".

ويضيف إن جزيرة "ثاسوس" وقعت تحت الحكم العثماني في القرن الخامس عشر، أي قبل وقوع مصر تحت الحكم العثماني بمائة عام، وأن "مصر لم تحمل يومًا سند ملكية لهذه الجزيرة، وإنما هي وقف امتلكه محمد علي كمكافأة له".

ويقول "فهمي": "انتهى النزاع بين الدولة التركية الحديثة واليونان بعد سقوط الدولة العثمانية، بينما ظل الوضع المصري غير مفهوم"، واستمر الفلاحون اليونانيون في دفع قيمة إيجار الأراضي الزراعية المحدودة في الجزيرة للأوقاف المصرية، لكن مصر لم تمتلك الجزيرة كلها بأي حال من الأحوال".

وبحسب "فهمي"، تهالك الوقف الخيري الذي كان يقوم بإطعام الفقراء والمساكين وأبناء السبيل، حتى عام 1997، والموجود في مدينة "قولة" وأُهمل تماما، حتى قامت سيدة يونانية من المدينة، تدعى آنا مسيريان، بحماية الوقف المصري بعد أن أجّرتها من وزارة الأوقاف المصرية وأعادت ترميمها، وحولت المبنى لتحفة معمارية وأصبح فندقًا رائعًا ومزارًا سياحيًا كبيرًا.

ويقول أن ما يشاع حاليا عن إيجار غير مدفوع من اليونان لمصر، يتعلق بأطيان جزيرة طاشيوز وليس بأوقاف محمد على بمدينة "قولة"، أما الأوقاف المصرية على جزيرة ثاسوس / طاشيوز فقد قامت بعثة من مركز توثيق التراث الطبيعي والحضاري التابع لمكتبة الإسكندرية بزيارتها وتوثيقها عام 2007.

وكان وكيل سابق لوزارة الأوقاف يدعى عاطف عثمان، قد أكد ملكية مصر للجزيرة، مضيفًا، في تصريحات صحفية، أن "الجزيرة كانت هبة من السلطان العثماني لمحمد علي باشا أوقفها فيما بعد للأعمال الخيرية، وأنه تم تأجيرها عام 1997 بمليون دولار سنوياً".

 فيما قال النائب هيثم الحريري في تصريحات لصحيفة "صوت الأمة" إن "البرلمان لا يملك أي معلومات عن الاتفاقية بين مصر واليونان، أو عن ما يشاع حول تنازل مصر عن جزيرة تشيوس".

ويرجع تاريخ الوجود العسكري المصري في جزيرة "خيوس"، فضلًا عن جزر يونانية أخرى، الي حرب الاستقلال في القرن التاسع عشر، حينما قامت القوات العثمانية بقيادة الأدميرال كارا علي باشا، والتي ضمت قوات عسكرية مصرية، باحتلال "خيوس" عام 1822، وتردد مقتل خمسة وعشرين ألف شخص حينئذ. وتتكرر الأمر في جزر يونانية أخرى، منها جزيرة كاسوس، بواسطة قوات محمد علي باشا عام 1824، وبمشاركة قوات عسكرية مصرية.

وفي سبعينيات القرن التاسع عشر، طلب إبراهيم باشا، ابن محمد علي، من السلطان عبد الحميد تعيين حاكمًا عسكريًا مصريًا لحماية حدود الجزيرة وحماية الأوقاف المصرية هناك، وهو ما وافق عليه السلطان، ثم ضعف التواجد المصري في الجزيرة مع بدايات القرن العشرين، بعد تحولها لساحة حرب سواء أثناء حرب البلقان أو الحرب العالمية الأولى.

مواضيع ذات صلة
مشاورات سياسية فلسطينية - يونانية في أثينا
أجرى وفد فلسطيني، اليوم الجمعة، مشاورات سياسية مع وفد يوناني في مقر وزارة خارجية الأخير بالعاصمة أثينا. وأفادت وكالة الأنباء الفل...
2016-07-15 13:27:50
مناورات عسكرية مصرية - يونانية لمواجهة "تحديات المتوسط"
أعلنت وزارة الدفاع المصرية، اليوم الأحد، عن مغادرة مجموعة من قواتها البحرية والجوية إلى اليونان للمشاركة في فعاليات التدريب المشتر...
2016-12-04 10:12:04
مباحثات مصرية - يونانية حول القضية الفلسطينية وليبيا وسد النهضة
بحث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اليوم الاثنين، مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، تطورات القضية الفلسطينية والملف ا...
2021-06-21 15:32:38