خبراء: ضم اسرائيل لـ "معاليه أدوميم" إنهاء لفكرة قيام الدولة الفلسطينية

لا يخفى على الكثيرين، مخططات الاحتلال المتواصلة لتغيير الوقائع وتحقيق "مشروع القدس الكبرى" الذي تحلم به إسرائيل، إلا أن التوجهات الأخيرة بضم مستوطنة "معاليه أدوميم" شرقي القدس، يُعد من ضمن المخططات الاستيطانية الأكثر خطورة منذ احتلالها للضفة الغربية في العام 1967.

وتعدّ مستوطنة "معاليه أدوميم" من كبرى المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية، ويرى الفلسطينيون أن ضمها لإسرائيل إنهاء لحل الدولتين القاضي بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.

ويرى خبراء ومتابعون للمشهد الفلسطيني أن الخطوة الاسرائيلية إذا ما نفذت، ستكون عواقبها وخيمة على واقع الضفة الغربية عبر تقسيمها، وعلى القدس بعزلها عن محيطها الفلسطيني.

ويعتبر مدير دائرة الخرائط ونظم المعلومات في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي، أن أهدافاً استراتيجية إسرائيلية، تقف وراء مشروع ضم "معالي أدوميم"، ومن بينها "إنهاء فكرة القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية، وفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها حيث سيصبح الدخول والخروج بإذن اسرائيلي أو تصبح الطريق التي سيسلكها الفلسطينيون من وإلى شمال الضفة، عبر الأغوار".

ويضيف التفكجي في حديث لـ"قدس برس"، أن الاحتلال يسعى إلى إحداث تغيير جذري في قضية الديموغرافيا (السكان) لصالح اسرائيل، كون أن ما يجري في مدينة القدس صراع ديموغرافي بامتياز، معتبراً أن "ضم هذه الكتلة (أدوميم) التي تمتد إلى غور الاردن بحوالي ثمانية مستوطنات، ويقطنها 100 ألف مستوطن سيعمل على تغيير كبير في المعادلة".

وأشار التفكجي إلى أن مستوطنة "معالي ادوميم" أنشئت عام 1975، ويبلغ عدد سكانها 40 الف مستوطن ومساحتها القائمة 35 كم مربع لكن المستغل منها للبناء 10 كم مربع، والمجال الحيوي (ما يحيط بها ما أراضي مصادرة لصالح المستوطنة)، يبلغ 100 كم مربع حيث أن المبني منها تقريباً ثلث المساحة المخصصة للمستوطنة.

ونوّه إلى أن مشروع الضمّ سيكون لكتلة "معالية دوميم" التي تصل للبحر الميت، وليس مستوطنة معاليه أدوميم وحدها، حيث أن الكتلة تضم ثمانية مستعمرات وهي "معالية أدوميم، كفار أدوميم، نيفي براك، علمون، المنطقة الصناعية "ميشور أدوميم"، علمون، أي ون، متسفي يريحو".

وبحسب التفكجي، فإن مشروع الضم قديم وضمن "مخطط القدس 2050"، الذي يقضي بإقامة أكبر مطار في الدولة العبرية، وعند ضم هذه الكتلة الاستيطانية مع المحيط بالقدس من الكتل الأخرى ستصبح 10 في المائة من مساحة الضفة الغربية.

ويوضح "أن القدس الشرقية والغربية إبان الاحتلال عام 1967، كانت تعادل  1.2 في المائة، ويخطط الاحتلال اليوم لإقامة القدس الكبرى، التي تضم كتلة "معالية أدوميم" و"جفعات زئيف" و"وغوش عتصيون"، وتم ربط هذه الكتل بشوارع وأنفاق، وسيتم إقامة سكك حديدية لربطها بمدينة القدس".

من جانبه، قال الخبير المقدسي جمال عمرو، إن مشروع ضم "معاليه ادوميم" سيشكل الضربة القاضية للمدينة المقدسة، وسيكون الأكثر فظاعة وخطراً على مستقبل القدس، التي أحيطت بالاستيطان من كافة الجهات.

وأضاف في حديث لـ"قدس برس"، "رغم وجود جدار الفصل العنصري، إلا أن الاتصال لا زال قائماً عبر بعض الفضاءات  بين القدس والضفة وضم "معاليه ادوميم" سيقطع هذا الاتصال نهائياً".

ويشير عمرو إلى أن معالية أدوميم كانت تشكل الطريق التاريخي التي تصل القدس بالأغوار وعمان ومكة المكرمة، وهي بوابة القدس الشرقية، لكن "عند التقاء مشروع "ايه 1" مع كتل "معاليه أدوميم"، فإن القدس ستصبح مختنقة بالاستيطان، وسيحكم السيطرة المطلقة عليها بكتلة بشرية هائلة من المستوطنين إلى جانب جدار الفصل العنصري وبذلك ستكون ضربة قاتلة للمدينة المقدسة".

ويعتبر الخبير المقدسي أن ضم معاليه ادوميم، "فسحة أمل للاحتلال لإقامة مشروع القدس الكبرى، وإنهاء سيطرة الفلسطينيين على الضفة، وبداية الجحيم للمقدسيين، وسيفتح المجال للاحتلال للتخلص من كتلة بشرية فلسطينية ضمن أي اتفاق قادم يفرضه".

وحذر من مخططات الاحتلال لإنهاء ملف القدس في حال حدوث أي مفاوضات مستقبلاً مع الجانب الفلسطيني، عبر فرض الوقائع على الأرض، معتبراً أن "الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة فرصة لقيادة السلطة الفلسطينية للتخلص من كافة الاتفاقيات والعودة للمربع الأول في الصراع".

بدورها، اعتبرت السلطة الفلسطينية أن أي قرار ستتخذه الحكومة الاسرائيلية بشأن ضم مستوطنة "معاليه أدوميم" لمدينة القدس، سيكون بمثابة نهاية "عملية السلام".

وأكد المتحدث باسم رئاسة السلطة، نبيل أبو ردينة في تصريحات صحفية، إن خطوة ضم "معاليه أدوميم" "ستنهي أي علاقة بأي مسيرة سلمية؛ خاصة إذا ما ترافق ذلك مع الحديث على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس".

أما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قيس أبو ليلى، فرأى أن خطوة ضم معالي ادوميم تدلّ على أن نتنياهو قرر تنفيذ برنامجه الفعلي القائم على ضم مناطق الضفة الغربية وشرقي القدس إلى "إسرائيل"، والقضاء على أي امكانية لإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وأن الصراع سيبقى مفتوحاً على مصراعيه، وسيترتب عليه إشعال مزيد من الحرائق وتأجيج الموقف.

ويعتبر أبو ليلى في تصريحات لـ"قدس برس"، أن المنطقة أمام تغييرات كبيرة وإستراتيجية، "فحتى شهور قريبة كان هناك إجماع دولي على أن حل الصراع، يقوم على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقيام الدولة الفلسطينية، فيما تسعى إسرائيل لتغيير الوضع القانوني للضفة الغربية، وهو ما يضع الصراع في إطار جديد"، حسب قوله.

ويطالب أبو ليلى بتطبيق سريع لقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، من خلال "إعادة تحديد العلاقة مع دولة الاحتلال، والنظر في الالتزامات المجحفة بحق الفلسطينيين في اتفاقية اوسلو وملحقاته، ومن بينها التنسيق الأمني، حيث إن الظروف والوقت الحالي، أكثر مناسبة لتطبيق هذه القرارات وإعادة ترتيب البيت الداخلي لمواجهة الأخطار المحدقة".

فيما طالب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف في تصريح لـ"قدس برس"، بوقفة عربية وإسلامية عبر لجنة القدس.

وشدد على ضورة "الحديث عن مصالح أمريكية في المنطقة وأنه لا يجوز أن تبقى سفارات الولايات المتحدة مفتوحة في دول المنطقة، في ظل تبنيها لكل سياسيات الاحتلال وتوفير الحماية والدعم له".

______

من يوسف فقيه
تحرير ولاء عيد

مواضيع ذات صلة
مشروع قانون إسرائيلي لضم "معاليه أدوميم" إلى الدولة العبرية
كشفت مصادر عبرية، أن البرلمان الإسرائيلي الـ "كنيست" يستعد لمناقشة مشروع حول ضم مستوطنة "معاليه أدوميم" المقامة على أراضي المواطني...
2016-07-18 09:01:11
السلطة الفلسطينية: ضم مستوطنة "معاليه أدوميم" سينهي عملية السلام
قالت السلطة الفلسطينية، إن أي قرار ستتخذه الحكومة الاسرائيلية بشأن ضم مستوطنة "معاليه أدوميم" (شرق القدس المحتلة) لمدينة القدس، سي...
2017-01-19 11:04:04
عاجل | "هآرتس": إصابة مستوطن في عملية دهس قرب مستوطنة "معاليه أدوميم" بالقدس
عاجل | "هآرتس" : إصابة مستوطن في عملية دهس قرب مستوطنة "معاليه أدوميم" بالقدس ...
2015-11-22 08:25:55