الغنوشي لـ "قدس برس": "قانون المصالحة" في تونس هو ممارسة للعفو والتسامح بدل الانتقام والتشفي

علاقاتي مع الرئيس قائمة على التواصل والتفاهم والاحترام المتبادل لمصلحة تونس

وصف زعيم حركة "النهضة" التونسية الشيخ راشد الغنوشي، مصادقة البرلمان في ساعة متأخرة من مساء أمس على قانون المصالحة الإدارية، بأنها "ممارسة لقيمة العفو والتسامح الأصيلة في التاريخ الإسلامي بدل الانتقام والتشفي".

وأعرب الغنوشي في تصريحات خاصة لـ "قدس برس"، عن ارتياحه لأن شعلة الثورة التونسية مازالت متقدة، وقال: "جوهر الثورة هو الحرية، والحريات العامة والخاصة لازالت قائمة في تونس بشهادة القريب والبعيد، من خلال الصحافة الحرة والانتخابات النزيهة والتعددية السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وحرية النقد، وهذا ما لم تتمتع به تونس قبل الثورة".

وأكد الغنوشي احترامه لموقف المعارضة من قانون المصالحة أمس في البرلمان، لكنه قال: "لقد مارست المعارضة حقها في التعبير عن رأيها الرافض لقانون المصالحة، وإن كانوا عارضوه أحيانا بطريقة فوضوية، لكن لا ينبغي عليها في نفس الوقت أن تقبل باللعبة الديمقراطية ثم في النهاية تلعن اللعبة واللاعبين عندما تكون نتائجها على غير ما أرادت".

وتساءل الغنوشي: "لماذا هذا الصراخ والعويل بأن الثورة قد انتهت لأنها مارست العفو ولم تمارس الانتقام والتشفي، مع أن ثورة النبي عليه الصلاة والسلام، وهي أعظم ثورة مارست أعلى صنوف العفو يوم فتح مكة، فلم تتم إحالة زعماء الجاهلية على السيوف، وإنما أحالتهم إلى العفو، ليتحولوا إلى قادة في الصف الإسلامي".

وأضاف: "الطلقاء هم الذين نشروا الإسلام في الآفاق، وأوصلوه إلى مختلف أصقاع العالم، لذلك فالعفو والتسامح من أعظم قيمنا العربية والإسلامية، وتجريم الناس بالجملة ليس عدلا، وهناك قضاء يحتكم إليه الناس".

وعما إذا كان يعني بذلك بأنه لا خوف على الديمقراطية التونسية، قال الغنوشي: "لا خوف على الثورة التونسية، لأن جوهر الحرية لا يزال مصانا، تصونه الصحافة الحرة والنقابات والأحزاب".

وحول الانتخابات البلدية، قال الغنوشي: "نحن متجهون لتعزيز الثورة التونسية من خلال إجراء الانتخابات البلدية والمحلية، التي ستنتج نحو 7 آلاف حاكم جديد أو نائب بلدي يدير شؤون حيه ومنطقته بما لم يحصل في تاريخ تونس".

وأضاف: "موعد الانتخابات البلدية المرتقب في كانون أول (ديسمبر) المقبل، لا يزال قائما، وهذا جزء من الاتفاق، ويوم الأربعاء المقبل سيتم اجتماع في البرلمان لاستكمال سد الشغور في الهيئة العليا للانتخابات، والأمور تسير في الطريق الصحيح بحول الله".

على صعيد آخر أكد الغنوشي نفى أي تداعيات سلبية لتصريحات الرئيس الباجي قايد السبسي الذي تحدث عن فشله في جر النهضة إلى مربع الأحزاب الحديثة، على العلاقة الشخصية أو السياسية بينهما، وقال: "الشراكة السياسية لا تمنع النقد، وهذا جزء مما وفرته الثورة من حريات".

وأضاف: "لا خوف على النهضة ما دامت الحرية قائمة، فالنهضة منذ دخلت العمل السياسي عام 1981 كان مطلبها هو الحريات، باعتبارها مدخل كل إصلاح، لأنه خارج الحرية لا يوجد تاريخ ولا حضارة ولا إسلام".

وحول علاقاته مع الرئيس الباجي قايد السبسي، قال الغنوشي: "علاقاتي مع سيادة الرئيس قائمة، وهناك تفاهم وتواصل واحترام متبادل لما فيه خير تونس".

وجوابا على سؤال وجهته له "قدس برس" بشأن موقفه من حملة الاعتقالات في السعودية ضد عدد من العلماء، قال الغنوشي: "نحن دعاة تصالح داخل كل قطر عربي وبين كل الفرقاء السياسيين على اختلاف توجهاتهم، ودعاة تصالح بين أقطارنا العربية".

وأضاف: "رسالتي إلى قادة الأمة كلها، هو أن يعملوا على إفشاء العفو والسماحة والتصالح والعدل"، على حد تعبيره.

وكان مجلس النواب التونسي (البرلمان) صادق مساء أمس الاربعاء على قانون المصالحة الادارية بـ 117 صوتا نعم وصوت محتفظ و9 معترضين.

يشار إلى أن الجلسة العامة المخصصة لمناقشة قانون المصالحة الادارية شهدت توترا وتلاسنا بين النواب واجبرت رئيس البرلمان محمد الناصر على رفعها عدة مرات.

ويتضمن قانون المصالحة الإدارية 7 بنود تقرّ العفو عن نحو ألف و500 موظف حكومي ممن يشتبه بارتكابهم "الفساد المالي"، و"الاعتداء على المال العام"، ويستثني الموظفين الذين يشتبه بارتكابهم "الرشوة" و"الاستيلاء على المال العام".

ولاقى مشروع القانون الذي تقدم به الرئيس الباجي قايد السبسي، في 2015، لمعالجة الوضع الاقتصادي الذي قال بأنه صعب ويحتم عقد مصالحة مع رجال الأعمال، معارضة شديدة من المجتمع المدني في البلاد. 

مواضيع ذات صلة
الغنوشي لـ "قدس برس": لا خوف على التحالف الحاكم وعلى التجربة الديمقراطية في تونس
نفى زعيم حركة "النهضة" التونسية الشيخ راشد الغنوشي، "وجود أي خوف على وحدة وتماسك التحالف الرباعي الحاكم في البلاد، ولا على تجربة ا...
2016-04-21 11:35:06
الغنوشي لـ "قدس برس": انطلاق مسار العدالة الانتقالية في تونس حدث تاريخي
بدأت "هيئة الحقيقة الكرامة" في تونس مساء أمس الخميس، جلسات الاستماع لضحايا التعذيب منذ الاستقلال، ونقلت شهادات حية لعدد من الضحايا...
2016-11-18 09:49:59
الغنوشي لـ "قدس برس": "النهضة" ليست في حرب مع "نداء تونس"
وصف زعيم حركة "النهضة" التونسية الشيخ راشد الغنوشي، دعوات التظاهر لإسقاط قانون المالية للعام الجاري بأنها جزء من حملة انتخابية مبك...
2018-01-08 12:14:59