الانتخابات الألمانية.. تراجع ملحوظ للأحزاب التقليدية وصعود لافت لليمين المتطرف

فازت زعيمة المحافظين المستشارة الالمانية أنغيل ميركل بولاية رابعة، بعد تصدر حزبها لنتائج الانتخابات التشريعية التي شهدتها ألمانيا أمس الأحد، بنسبة يقول المراقبون بأنها كانت أدنى من التوقعات للمحافظين، بما يجعل من شروط التوصل إلى تحالف حكومي أمرا معقدا.

وتصدر المحافظون (الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحليفه البافاري الاتحاد المسيحي الاجتماعي)، نتائج الانتخابات التشريعية بحصولهم على نسبة 33٪ من أصوات الناخبين، تلاهم الاشتراكيون الديمقراطيون (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) بحصولهم على نسبة 20.5٪، تلاهم "البديل من أجل ألمانيا: 12.7٪، الليبراليون (الحزب الديموقراطي الحر): 10.7٪، اليسار الراديكالي (دي لينكه): 9.2٪، الخضر: 8.9٪.

وسيضم المجلس المقبل عددا قياسيا من النواب يبلغ 709، بالمقارنة مع 630 في المجلس الحالي، وهي زيادة مردها نظام الانتخابات النسبي المعقد في ألمانيا والذي يقود بانتظام إلى إعادة توزيع مقاعد إضافية على جميع الأحزاب الممثلة.

وبينما فاجأ "حزب البديل من أجل ألمانيا"، اليميني المتطرف الجميع باكتساحه البرلمان للمرة الأولى منذ تأسيس البرلمان عام 1949، وحصوله على المرتبة الثالثة، فإن نأي حزب الاشتراكي الديمقراطي بنفسه عن المشاركة في الحكومة المقبلة واختياره لموقع المعارضة، يجعل من مهمة ميركل في تشكيل الحكومة مهمة صعبة ومعقدة.

وتشير تقارير سياسية، إلى أن ميركل التي تبدأ اليوم الاثنين مشاوراتها السياسية لتشكيل تحالفها الحكومي المقبل، ستضطر في نهاية المطاف إلى خيار تحالف ثلاثي مع المسيحيين والليبراليين والخضر.

ورأى الخبير بالشؤون الأوروبية حسام شاكر في حديث مع "قدس برس"، أن النتائج المعلنة في الانتخابات الألمانية تشير إلى تحولات في المشهد السياسي الألماني، وأحد أبرز معالم هذا التحول، هو تآكل الأحزاب التقليدية الكبرى، وتراجعها إلى مستوى قياسي مقارنة بنتائج نصف القرن الأخير".

وأضاف: "عندما نتحدث عن حصول الحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة ميركل على ثلث الأصوات فقط، وتراجع الحزب الديمقراطي الاجتماعي بزعامة مارتن شولتز إلى نحو 20٪، وهذا يسري على بقية الأحزاب عموما".

وأضاف: "هذا التآكل جاء لحالة التطرف الصاعدة، متمثلة بحزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يمثل إعادة إنتاج للحالة اليمينية المتطرفة في ألمانيا، وهذه الإعادة جاءت بعد إدراك دروس التجارب الماضية، الأحزاب القومية المتطرفة في ألمانيا، كان مسموحا بها طالما لم تتناول الخطاب النازي مباشرة، وكان يؤمل استيعابها في الساحة السياسية، وهو ما تحقق، لكن هذه جاءت هذه النسخة الجديدة، ممثلة في حزب البديل، الذي استثمر الظروف المحلية والدولية بشكل كبير".

ورأى شاكر، أن "حزب البديل أحرز انتصارا تاريخيا في الانتخابات الحالية، لأنه يدخل البرلمان لأول مرة على المستوى الاتحادي، والأهم أنه في الولايات الشرقية الألمانية استطاع أن يكرس نفسه كقوة أولى".

وأكد شاكر، أن الأهم أن اليمين المتطرف أثبت أنه قادر على اقتطاع مساحة له في الوسط السياسي الألماني، في بلد لديه إرث من الماضي الثقيل، الذي وقع تجاوزه، وتجاوز التحفظات التقليدية من خلال مسحة العداء للاسلام، التي هي نبرة عامة وثقافة عامة في ألمانيا وأوروبا".

لكن شاكر أشار إلى أن معاقل حزب البديل التي أثبت فيها حضورا كاسحا، تتميز بضعف تواجد المسلمين فيها".

وأرجع ذلك إلى أن "التعايش بين المسلمين وغيرهم من سكان ألمانيا يمكنه أن يذيب الكثير من المخاوف، ولا يمكن أن يتم فيها تقديم خطاب ساذج ضد المسلمين".

كما لفت شاكر الانتباه إلى أن المناطق التي تقدم فيها حزب البديل، لا سيما في المناطق الشرقية من المانيا، لديها معضلات مزمنة، اقتصادية واجتماعية وانفتاح ثقافي محدود، وهذا أمر استخدمه اليمين المتطرف ضد المسلمين واللاجئين".

وأكد شاكر أن ألمانيا اليوم أمام سؤال مهم: "هل أن ما جرى هو حالة عابرة، أم أنه حالة مستقرة للتطرف اليميني؟".

وحذّر شاكر من أن "خطورة خطاب اليمين المتطرف لا يقف تأثيره على الأطر اليمينية المتطرفة فقط، وإنما يضغط على عموم الساحة السياسية فتصبحها معنية بمراعاة النبرة المتطرفة، وهكذا يمكن أن نتوقع تأثيرا بالنسبة للمسلمين واللاجئين"، على حد تعبيره.

تجدر الإشارة إلى أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" هو حزب سياسي ألماني حديث تأسس في برلين في 6 شباط (فبراير) 2013 كرد فعل على سياسية إنقاذ اليورو.

وفاز الحزب لأول مرة في انتخابات أوروبا 2014 بولاية فوق وطنية وخلال 2014 حقق الحزب انتصارات في الانتخابات في زاخن وبراندنبرج وثورنجن، وفي 2015 تفوق الحزب في انتخابات كل من هامبورج وبرمن، وفي 2016 انتصر أيضًا في بادن فاتنبرج وراينلاند بفالذ وزاخن أنهالت.

يُصنَّف الحزب منذ 2014 في الجانب اليميني من الطيف السياسي، وتوصف السياسات التي يتبناها بأنها تحمل توجهات يمينية شعبوية أو متأثرة باليمين الشعبوي.

ويصف بعض علماء السياسة الأشخاص القياديين في الحزب بأنهم ذوو توجهات يمينية متطرفة أو يمينية أصولية أو شعبوية.

في 13 آذار (مارس) 2016، أعلن الحزب إدراج منع الحجاب في الجامعات والمؤسسات العامة ضمن برنامجه الانتخابي، وكذلك منع ختان الأطفال المسلمين واليهود.

مواضيع ذات صلة
نائب فلسطيني: لن نترك الأسرى فريسة للأحزاب الإسرائيلية في الانتخابات
دعا عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن يوسف، إلى وقفة شعبية جادة مع الأسرى في سجون الاحتلال، وعدم تركهم "فريسة" للأحزاب الإسرائيلي...
2019-02-28 12:38:03
ألمانيا: التعاون الأمني مع تركيا تراجع بشكل ملحوظ
كشف وزير الداخلية الألماني، توماس دي ميزيير، اليوم السبت، عن تراجع مستوى التعاون الأمني بين بلاده وتركيا في الآونة الأخيرة عل خلفي...
2017-08-26 16:18:36
"شؤون الأسرى": تراجع ملحوظ على صحة عواودة وريان
قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين (حكومية)، صباح الثلاثاء، إن المعتقلَيْن خليل عواودة ورائد ريان يعانيان من الهزال ويشتكيان من ...
2022-07-26 07:45:54