محللان: قطع رواتب غزة قرار فلسطيني بضغط أمريكي لفرض معادلات سياسية جديدة

رأى محللان، أن اقدام السلطة الفلسطينية على قطع رواتب موظفيها في قطاع غزة، يرمي إلى فرض معادلات سياسية جديدة بضغوط أمريكية، الأمر الذي سيترتب عليه آثار كارثية على القضية الفلسطينية.

واعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، عبد الستار قاسم، أن قرار رئيس السلطة محمود عباس قطع الرواتب عن موظفي غزة، يعد جزءا من الإجراءات التي تقوم بها السلطة ضد القطاع لتحقيق أهداف سياسية، ولفرض مزيد من الضغوط على حركة "حماس".

ورأى قاسم في حديث لـ "قدس برس" أن قيادة السلطة تأمل أن يؤدي قرارها عدم صرف رواتب موظفي غزة إلى وقوف هؤلاء في وجه "حماس" والمقاومة، إلى جانب رفع الضغط الاقتصادي على القطاع، وصولاً إلى تركيعه.

وشكك أستاذ العلوم السياسية في جامعة "النجاح الوطنية"، عبد الستار قاسم، في الذرائع المتعلقة بـ "خلل فني" تقول السلطة الفلسطينية إنه أدى إلى عدم صرف الرواتب، موضحا أن الأخيرة لم تشرح طبيعة الخلل الذي لا زال مستمراً منذ مطلع الشهر، "ما يؤكد أنها أكاذيب"، وفق تقديره.

وذهب قاسم في الحديث إلى أن هذه الاجراءات تهدف إلى الضغط على المقاومة بغزة من أجل تسليم سلاحها لما يشكله من عقبة أمام السلطة وقيادتها؛ حيث بات واضحاً أن المطلوب من "حماس" هو تسليم السلاح؛ حيث أن المستهدف هو رأس المقاومة وسلاحها، حسب رأيه.

غير أن قاسم، قلّل من احتمالية نجاح المخططات الموجهة ضد المقاومة الفلسطينية؛ قائلا "عبر السنوات الطويلة لم يثر الشعب ضد المقاومة أو غزة لقناعة راسخة أنها من تدافع عنه، وأنه إذا ما ألقت المقاومة سلاحها فإن الشعب الفلسطيني سينكشف تماماً".

وأضاف "كل الإجراءات التي قامت بها السلطة لم تثنِ أهل قطاع غزة عن دعم المقاومة الفلسطينية".

كما واستبعد قاسم أن يقحم االاحتلال الإسرائيلي نفسه في حرب ضد قطاع غزة، في ظل الضغوط الحالية؛ حيث خاض خلال السنوات الماضية ثلاثة حروب ولم ينتصر كما ولم تتغير الظروف والمعطيات، لكي يخوض تجربة رابعة، عدا عن أن الجبهة الداخلية للاحتلال ليست مستعدة لحرب قريبة على فطاع غزة، وفق تقديره.

ويتفق المحلل السياسي، هاني المصري، مع ما ذهب إليه قاسم بالقول "إن قرار وقف الرواتب عن الموظفين في غزة ليس خللًا فنيًا؛ فالخلل الفني لا يمتد إلى 23 يومًا، كما ويصعب تصور اقتصاره على موظفي القطاع دون غيرهم، في حين تلتزم الحكومة صمت القبور من دون أن يصدر تصريح منها لتفسير وتبرير ما الذي يحدث"، وفق قوله.

وأضاف المصري في مقال له، الثلاثاء، "الحكومة لا تملك الجرأة للدفاع عن قرار وقف الرواتب لأنه قرار غير إنساني ولا أخلاقي ولا قانوني، ولا يوجد ما يبرره، لأن معاقبة حماس لا يمكن أن تمر على عذابات أهلنا في القطاع، ولا على أجساد الموظفين الملتزمين بقرارات الحكومة عندما تَركوا أماكن عملهم ولزموا بيوتهم منذ وقوع الانقلاب وحتى الآن".

وتفسيرا لإجراءات السلطة التي اتخذتها في غزة، رأى المصري أنها "جاءت بطلب أمريكي ضمن تغيير دراماتيكي للموقف الإسرائيلي يقوم على فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة الذي بدأ تطبيقه عشية التوقيع على اتفاق أوسلو، وتواصل بعده وصولًا إلى طرح وتنفيذ خطة فك الارتباط عن القطاع".

وبحسب المصري؛ فإن "السلطة تخوفت من المصالحة واعتبرتها قاطرة لمرور صفقة ترمب، لذا أصرت على ضرورة تمكين الحكومة من الألف إلى الياء فيما بدا شرطًا تعجيزيًا يدل إما على عدم النية لإنجاح المصالحة، أو وضع ممر إجباري لها".

وتابع "حتى يفتح هذا الممر لا بد من خضوع حماس لشروط السلطة كاملة عبر تخليها عن سلطة الأمر الواقع، والموافقة على برنامج الرئيس (سلطة واحدة وقرار واحد وسلاح واحد)، وإذا لم تخضع ستتعرض لاحتمال الدخول في مجابهة عسكرية غير متكافئة مع الاحتلال، أو مع ثورة شعبية ضدها، لذلك تعتقد السلطة أن العذاب الذي سيتحمله القطاع من الإجراءات العقابية ضريبة لا بد منها لإنهاء سلطة الأمر الواقع التي تعتبر أحد مصادر هذا العذاب".

لكن المصري يشير إلى أن ما لا تأخذه السلطة بالحسبان هو أن الاحتمالات لا تقتصر على خضوع "حماس" أو نشوب ثورة ضدها أو المجابهة العسكرية؛ بل هناك احتمالات أخرى مثل انهيار القطاع وانفجاره، وانتشار الفوضى والفلتان الأمني، وتعدد السلطات ومصادر القرار في وقت ليست فيه السلطة قوية بما فيه الكفاية، ولن تستطيع السيطرة على القطاع، وستكون في أحسن الأحوال مجرد سلطة من سلطات متعددة متناحرة، حسب رأيه.

ووفقاً للمصري فمنذ منذ وقوع الانقسام عام 2007، تراهن السلطة على انهيار "حماس" وفشل سيطرتها على القطاع؛ غير أن ذلك لم يحدث؛ فقد كانت (حركة حماس) دائمًا تتجاوز المآزق الشديدة التي واجهتها.

وتسود حالة من الإرباك والقلق صفوف موظفي القطاع العام في غزة والذين يتقاضون رواتبهم من السلطة الفلسطينية في رام الله، ممن تم تعينهم قبل 14 حزيران/ يونيو 2007، وذلك لعدم صرف رواتبهم أسوة بزملائهم في الضفة الغربية.

وأكدت وزارة المالية والتخطيط في حكومة الوفاق الوطني، في بيان لها قبل اسبوع، أن عدم صرف المستحقات والرواتب لعدد من الموظفين العموميين والعاملين في المؤسسات الحكومية يعود لأسباب فنية، وذلك دون الإشارة إلى موظفي غزة تحديدًا.

وأعربت الوزارة عن وأملها أن يتم تجاوز هذه الأسباب قريبا دون تحديد موعدا واضحا.

ويشار إلى حكومة "التوافق الوطني" برئاسة رامي الحمد الله، أحالت قرابة 30 ألف موظف من غزة ما بين عسكري ومدني للتقاعد خلال العامين الماضين.

وأقدمت الحكومة في شهر نيسان/ أبريل 2017، على خصم أكثر من 30 في المائة من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، مبررة ذلك بأنه جاء سبب الحصار المفروض عليها، وأنه لن يطال الراتب الأساسي.

ويبلغ عدد موظفي السلطة 156 ألف موظف؛ مدني وعسكري، منهم 62 ألفًا من غزة (26 ألف مدني، 36 ألف عسكري)، يتقاضون قرابة 54 مليون دولار شهريًا، وتبلغ نسبة غزة 40 في المائة من إجمالي الموظفين، بحسب بيانات صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية.

مواضيع ذات صلة
رام الله.. "العليا الفلسطينية" تقبل دعوى للاعتراض على قرار قطع رواتب أسرى محررين
قبلت "المحكمة العليا" التابعة للسلطة الفلسطينية في مدينة رام الله، (الواقعة جنوب القدس المحتلة)، اليوم الثلاثاء، دعوى للاعتراض على...
2016-01-19 17:37:03
رام الله.. وقفة احتجاجية ضد قرار السلطة قطع رواتب أسرى ومحررين
نظم ذوو أسرى فلسطينيين ومحرّرين من المعتقلات الإسرائيلية، اليوم الأحد، وقفة احتجاجية سلمية في مدينة رام الله، تنديدا بقرار السلطة ...
2017-06-18 10:02:09
النائب الخضري يدعو إلى اخراج معابر قطاع غزة من أي معادلات سياسية أو أمنية
شدد رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، النائب جمال الخضري، على ضرورة اخراج المعابر في قطاع غزة من أي معادلات سياسية أو أمنية، باع...
2018-08-13 19:23:39