27 عاما على مجزرة المسجد الإبراهيمي .. والجرح لم يلتئم

تُصادف اليوم؛ 25 شباط/ فبراير، الذكرى السنوية الـ 27 لمجزرة المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل (جنوب الضفة الغربية المحتلة)، والتي ارتكبها المستوطن باروخ غولدشتاين، بحق المصلين أثناء تأديتهم لصلاة الفجر، عبر إطلاق النار عليهم.

وقد أسفرت تلك المجزرة عن استشهاد 29 فلسطينيًا وإصابة نحو 200 آخرين، قبل قتل غولدشتاين، والذي نفذ جريمته بمساعدة مستوطنين آخرين وبتواطؤ من قبل جيش الاحتلال.

وبدأت فصول الجريمة فجر يوم الـ 25 من شهر رمضان لعام 1994 (الموافق 25 شباط/ فبراير)، وتبعها فرض الاحتلال لوقائع على الأرض من خلال تقسيم المسجد الإبراهيمي والإجراءات التي فرضت لاحقًا وغيرت معالم المنطقة برمتها.

وعقب المجزرة أغلق الاحتلال المسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة في الخليل مدة 6 شهور كاملة بدعوى التحقيق في المجزرة.

ولم تقتصر فصول الجريمة على ما ارتكبه المستوطن غولدشتاين، بل أطلق جنود الاحتلال الرصاص على المشيعين مما رفع عدد الضحايا إلى 50 شهيدًا و350 مصابًا، وعم التوتر والمواجهات الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل المحتل 48.

لم تكن المجزرة سوى حلقة من حلقات الإرهاب المستمر بأشكاله المختلفة من قتل وتهويد واعتداءات متواصلة بحق الإنسان والمقدسات الإسلامية، في محاولة يائسة لتغييب وطمس الهوية العربية والإسلامية للمسجد الإبراهيمي الشريف.

تهويد يتصدى له الفلسطينيون بكل الأدوات الممكنة، وليس أدل على ذلك من حملة الفجر العظيم التي انطلقت في 31 من يناير الماضي حماية للمقدسات الإسلامية من خطر التهويد، لتعكس مرحلة جديدة من الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.

"شمغار" وقرارات أممية

وشكّلت من طرف واحد لجنة عرفت باسم "شمغار" للتحقيق في المجزرة وأسبابها.

وخرجت في حينه بعدة توصيات، منها تقسيم المسجد الإبراهيمي إلى كنيس ومسجد، بحيث يفتح الحرم كاملًا 10 أيام للمسلمين في السنة فقط، ونفس المدة لليهود.

وصادق مجلس الأمن الدولي؛ يوم 18 مارس/ آذار 1994، على قرار يدين مجزرة الإبراهيمي، ويدعو لاتخاذ إجراءات لحماية الفلسطينيين بما فيها نزع سلاح المستوطنين.

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"؛ بداية تموز/ يوليو 2017، عن البلدة القديمة في الخليل كـ "منطقة محمية" بصفتها موقعًا "يتمتع بقيمة عالمية استثنائية".

وذلك في أعقاب تصويت 12 عضوًا في "لجنة التراث العالمي" التابعة للمنظمة الأممية لصالح القرار، مقابل معارضة ثلاثة فقط وامتناع ستة عن المشاركة في عملية التصويت.

اعتداءات وحواجز

ومنذ وقوع المجزرة، توالت الاعتداءات على الإبراهيمي وأغلقت البلدية القديمة في محيطه، وأغلق شارع الشهداء (وسط الخليل)، والذي يعتبر الشريان الرئيسي وعصب الحياة للفلسطينيين، ما أدى لإغلاق 1800 محل تجاري بالبلدة القديمة.

كما منع رفع الأذان في المسجد مئات المرات، وفصلت مدينة الخليل وبلدتها القديمة عن محيطها عبر قرابة الـ 120 حاجزًا عسكريًا.

وعلى القادمين للصلاة في المسجد من البلدة القديمة أن يجتازوا حاجزا عسكريا من 3 مراحل في أقل من 10 أمتار: بوابة دوارة عمودية، وبوابة إلكترونية، وبوابة حديدية تجاورها نقطة عسكرية مأهولة.

وفي المرحلة الثانية، وعلى بعد حوالي عشرة أمتار أخرى، مجموعة بوابات إلكترونية متجاورة، وهنا على المصلين دفع بوابة حديدية أفقية، ثم البوابة الإلكترونية الكاشفة للمعادن، تليها مرحلة تدقيق الهويات من قبل الجنود خلف الزجاج، ثم التسريح عبر بوابة معدنية أفقية إلى مدخل المسجد.

قبل هذه الحواجز، كانت في طريق المسجد نقطتان لجيش الاحتلال، ينتشر بهما قرابة 12 جنديا، الأولى عند بداية الدرج الصاعد للمسجد والمحاذي لحائطه الغربي، والثانية عند الباب المباشر للمسجد في أعلى الدرج.

يشار إلى أن سلطات الاحتلال تعمد إلى منع رفع الآذان في المسجد الإبراهيمي بحجة إزعاج المستوطنين وتخضع المصلين المسلمين لعمليات الابتزاز والتفتيش على البوابات الإلكترونية والحواجز العسكرية المؤدية للمسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة من مدينة الخليل.

رصاصات الجريمة "شاهدة عليها"

ولا زالت جنبات المسجد الإبراهيمي في الخليل، تحوي أثار رصاصات المجزرة، بالإضافة لذكريات أهالي الشهداء والجرحى مُبقية على الجرح دون التئام.

ووثقت الأوقاف رصاص مجزرة الاحتلال، والتي طالت المنطقة الإسحاقية، والمحراب، في صورة متعمدة لاستهداف الإمام وايقاع أكبر قدر من المصلين، ورغم عمليات الترميم إلا أنها لا زالت باقية تشهد على الجريمة.

وتقوم الأوقاف بعرض آثار الجريمة، للزوار، التي لا تزال شاهدة على الواقع الذي فرضه الاحتلال بعد المجزرة.

ويقع المسجد الإبراهيمي في البلدة القديمة من مدينة الخليل، بالمنطقة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويسكنها نحو 400 مستوطن يحرسهم نحو 1500 جندي إسرائيلي.

ويدعي المستوطنون أحقيتهم في العديد من الأماكن التاريخية الإسلامية بالضفة، فيما تنفي الدراسات والأبحاث العلمية والدراسات التاريخية تلك المزاعم.

​​​​​​​يُذكر أن لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم لمتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسـكو" أدرجت عام 2017 المسجد الإبراهيمي، والبلدة القديمـة في الخليل علـى لائحة التراث العالمي.

مواضيع ذات صلة
رصاصات وجراح شاهدة على مجزرة المسجد الإبراهيمي
بدا فجر يوم الخامس والعشرين من شهر رمضان لعام 1994 (الموافق تاريخه الميلادي 25 شباط/ فبراير)، هادئًا، يُرتل فيه المصلّون آيات قرآن...
2016-02-25 11:29:05
فصول مجزرة المسجد الإبراهيمي لم تتوقف بعد 22 عاماً
رغم  مرور عقدين من الزمن على مجزرة المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل (جنوب القدس المحتلة)، إلا أن فصول وتبعات المجزرة لم تنته...
2016-02-25 20:20:43
"حماس" في ذكرى مجزرة المسجد الإبراهيمي: لا حل أمام الفلسطينيين إلا بتكتل وطني جامع
قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الضفة الغربية المحتلة، اليوم الخميس، إنه "لا حل أمام الفلسطينيين لمواجهة جرائم الاحتلال ومخ...
2022-02-24 15:33:46