"الجندي المجهول" بغزة .. من نُصب تذكاري إلى ساحة جامعة للكل الفلسطيني

تحوّل النُصب التذكاري للجندي المجهول غرب مدينة غزة، من قبر للجنود "مجهولي الهوية"، الذين دافعوا عن فلسطين في خمسينيات القرن الماضي، إلى ساحة للاحتفالات والمناسبات الوطنية، فضلا عن كونه حديقة عامة.

وغدا ذلك المعلم قبلة الفصائل والأحزاب والمؤسسات في القطاع، سعيا لإقامة فعالياتها، كما أصبحت ساحة عامة ومتنفسا لآلاف الغزيين الذين يتوافدون إليه يوميا.

​وحول رمزية النُصب التذكاري للجندي المجهول، أوضح رئيس مكتب الإعلام الحكومي في غزة سلامة معروف في حديثه لـ "قدس برس": "لقد تحّول النُصب التذكاري للجندي المجهول في غزة - الذي لا يزيد عمره عن 70 عاما - إلى مكان له رمزية واهتمام من قبل كافة الشرائح في قطاع غزة وذلك كونه يرمز إلى المقاومة والبطولة".

وتابع قائلاً: "إضافة إلى أن هذا النُصب أصبح مكانا للمهرجانات والمناسبات الوطنية والوقفات الاحتجاجية، فإنه كذلك متنفس للمواطنين في غزة، حيث تحتضنه حديقة تقع في مكان مميز وسط منطقة تجارية حيوية، في ظل قلة أماكن التنزه في القطاع، لا سيما في الإجازة الشتوية التي لا يستطيع السكان فيها الذهاب لشاطئ البحر لبرودة الجو".


قبر لكل الشهداء العرب

واستطرد معروف: "هذا النُصب ليس للجندي الفلسطيني المجهول فحسب، بل لكل الجنود الفلسطينيين والعرب والمسلمين وغير المسلمين، الذين استشهدوا على هذه الأرض، وهو دليل على أن تحرير فلسطين ليس مهمة الفلسطينيين وحدهم إنما مهمة كل العرب والمسلمين وأحرار العالم".


وصف النُصب

والنُصب التذكاري للجندي المجهول هو عبارة عن قاعدة خرسانية ترتفع نحو مترين، يتم الوصول لها بعد صعود ست درجات، وفي أعلى هذه القاعدة تمثال لجندي يرتدي بزته العسكرية بكامل عتاده ويحمل سلاحاً في يده اليمنى، في حين يشير بإصبع السبابة من يده اليسرى في اتجاه الشرق (القدس).

ومحفور على القاعدة الرخامية من الجانب الأول خارطة فلسطين وخطت أسفلها آية قرآنية "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون"، ورسم في الجانب الثاني علم فلسطين بألوانه الأربعة.


رمزية مكان النُصب وقصته

وعن رمزية مكان النُصب وقصته، قال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة لـ "قدس برس": "إن هذه المنطقة التي يوجد بها النُصب التذكاري للجندي المجهول كانت منطقة رملية في خمسينات القرن الماضي، وهي جزء من طريق بحري مهمل".

وتابع بالقول: "وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة عقب عدوان عام 1956، تم إقامة النُصب التذكاري للجندي المجهول تكريما للشهداء والتضحيات، وأصبح للمنطقة بأكملها قيمة رمزية كبيرة".

وأكد أن ساحة الجندي المجهول في مدينة غزة اكتسبت قيمتها كونها تقع شرق المجلس التشريعي، حيث لهذا المكان رمزية التشريعي كممثل للشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن هناك نُصب  تذكاري آخر في مدينة خان يونس جنوب قطاع عزة.

وقال: "رمزية النُصب التذكاري كجندي مجهول قاوم ودافع عن الوطن إضافة إلى أن هذه الساحة يمكنها أن تتسع للآلاف من المواطنين لحضور مناسبة ما".

وأشار إلى أن هذا المكان شهد العديد من الاعتصامات والاحتجاجات والمظاهرات والاحتفالات، كان أشهرها الإضراب التضامني مع الأسرى في سجون الاحتلال عام 1998، والذي كان عشية زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إلى قطاع غزة.

وأضاف أبو شمالة: "إن هذا الجندي الذي يقف على القاعدة الخرسانية ويشير بيده إلى فلسطين المحتلة عام 1948 يؤكد على بوصلة المقاومة الفلسطينية، إن السلاح الذي بيده هو عنوان المقاومة الذي يجب أن يبقى الشعب الفلسطيني متمسكا به".

وأوضح أن "هذا النُصب رمز للشهداء والعطاء والفداء للوطن، لا سيما وأن هناك جنود من شتى البقاء، دفعوا دمهم ثمنا لهذه الأرض ولم تعرف أسماءهم ولم تحدد لهم مقابر، فكان هذا النُصب ، خطوة رمزية ومعنوية لهم".

مستطردا بالقولً: "على أرض فلسطين ارتقى الآلاف من الجنود المصريين والعراقيين والسودانيين وغيرهم الذين هبوا منذ احتلالها عام 1948 للدفاع عنها وتحريرها، فأرض فلسطين على مدار التاريخ زاخرة بالشهداء والعطاء."

بدوره، أشار أستاذ التاريخ في الكلية الجامعية بغزة غسان الشامي، إلى أن إقامة هذا النُصب يعود للعام 1957، حيث تم تدشينه في عهد الإدارة المصرية التي كانت تدير قطاع غزة آنذاك.

وقال الشامي لـ "قدس برس": "هذا نُصب  تذكاري مبني على قبر جندي مجهول يقع غرب مدينة غزة في الحديقة المقابلة لمبني المجلس التشريعي الفلسطيني، قد دمرته قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوان عام 1967".


ثكنة عسكرية

وأضاف: "هذا المكان وبعد احتلال الجيش الإسرائيلي قطاع غزة وهزيمة الجيوش العربية بعد حرب 1967 تحول إلى ثكنة عسكرية مغلقة لا يسمح بالمرور فيها خاصة بعد سيطرة الاحتلال على مبنى المجلس التشريعي القريب منه والذي حوله كذلك إلى مبنى عسكري".

وأشار الشامي إلى أن السلطة الفلسطينية أعادت بناءه من جديد، حيث أزاح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الستارة عنه العام 2000.

وأوضح أنه منذ أن أقيم أصبح معلمًا وطنيًا، حرص القادة والرؤساء على وضع أكاليل الزهور عليه في المناسبات الوطنية.

_______

من عبد الغني الشامي
تحرير ولاء عيد

مواضيع ذات صلة
الأردن .. "مجابهة التطبيع" تقول إن السلطات منعتها من زيارة نصب الجندي المجهول
قالت "لجنة حماية الوطن ومجابهة التطبيع" في الأردن، أن السلطات هناك، منعت وفدا من اللجنة، من الوصول إلى نصب الجندي المجهول  لو...
2022-03-25 14:31:37
البردويل: عباس أضاع فرصة تاريخية ليكون قائدا للكل الفلسطيني
أعرب عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" صلاح البردويل عن أسفه لأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، "أضاع فرصة ...
2018-01-18 14:17:16
"الجهاد الإسلامي" تدعو لتوافق وطني وبرنامج مشترك للكل الفلسطيني
دعا عضو المكتب السياسي لحركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين، نافذ عزام، إلى توافق وطني وبرنامج مشترك بين الكل الفلسطيني خلال حوار الق...
2021-02-02 11:54:28