مهد الثورات الفلسطينية يخنقها الجدار ويهددها الاحتلال بـ "الضم" .. الأهمية السياسية والاستراتيجة للضفة

مصطلح أطلقه الأردن على الجزء المتبقي من فلسطين (بحدود الانتداب البريطاني) الذي لم يسقط بعد النكبة عام 1948، وضُمَّ إلى الأردن بعد معركة القدس في مؤتمر أريحا عام 1951.
 
سمتها السلطات الأردنية بـ"الضفة الغربية" لأنها تقع إلى الغرب من نهر الأردن، بينما تقع معظم أراضي المملكة الأردنية شرقي النهر، في حين أطلقت عليها السلطة الفلسطينية بعد تأسيسها عام 1994 المحافظات الشمالية.
 
"قدس برس" وفي ظل الهجمة الإسرائيلية الشرسة، على الضفة الغربية، متمثلة بقانون "الضم" وغيرها، أعدت تقريرا معلوماتيا يرصد أهميتها السياسية والاستراتيجية والجغرافية. 
 
الجغرافيا
تقع الضفة الغربية المحتلة وسط فلسطين التاريخية، يحدها من الشرق الأردن، ويحيط بها الاحتلال الإسرائيلي، من الشمال والغرب والجنوب.
 
تشكل مساحة الضفة الغربية ما يقارب 21 في المائة من فلسطين التاريخية أي حوالي 5,660 كم².
 
وفي منتصف العام 2019، قدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، عدد سكان الضفة الغربية، بنحو 3 ملايين نسمة.
 
وتضم هذه المنطقة التي احتلت عام 1967، جغرافياً، جبال نابلس وجبال القدس وجبال الخليل وغربي غور الأردن.
 
تشكل أراضي الضفة الغربية الجزء الأكبر المساحة التي إصطلح على تسميتها الأراضي الفلسطينية المحتلة (التي تضم الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس وقطاع غزة)، والتي عرفت فيما بعد باسم مناطق السلطة الفلسطينية باستثناء مدينة القدس بعد توقيع اتفاق أوسلو في 13 أيلول/ سبتمبر 1993، وقيام السلطة الفلسطينية بعد أقل من عام.
 
المحافظات
تضم الضفة الغربية 11 محافظة وهي: القدس، رام الله والبيرة، نابلس، الخليل، قلقيلية، طوباس، سلفيت، أريحا، بيت لحم، جنين، طولكرم.
 
كما تحتضن 22 مخيما للاجئين الفلسطينيين، تتناثر على مساحة الضفة الغربية، وهي: مخيم "نور شمس"، "طولكرم"، "عين السلطان"، "عقبة جبر"، "الأمعري"، "الجلزون"، "عين عريك"، "دير عمار"، "قلنديا"، "قدورة"، "الفارعة"، "العروب"، "الفوار"، "بلاطة"، "عين بيت الماء"، "عسكر"، "جنين"، "شعفاط"، "الدهيشة"، "العزة"، "عايدة"، و"النويعمة".
 
تاريخ الضفة
قبل حرب 1948 كانت الضفة الغربية جزءاً من الانتداب البريطاني على فلسطين. وبعد الحرب؛ ضُمَّت الضفة الغربية إلى الأردن بعد التوقيع على اتفاقيات الهدنة (اتفاقيات رودس) التي أنهت الحرب عام 1949 ورسمت الحدود الفاصلة بين الضفة الغربية والأراضي التي أقيمت عليها دولة الاحتلال.
 
هذه الحدود (التي هي جزء من الخط الأخضر) ضمت إلى الضفة الغربية الجزء الشرقي لمدينة القدس، بما في ذلك البلدة القديمة، ما عدا جبل المشارف.
 
تمت الوحدة بين الضفتين الشرقية (الأردنية) والغربية (الفلسطينية) بعد مؤتمر أريحا عام 1951 الذي طالب بالوحدة.
 
ظلت هذه الوحدة قائمة مع الضفة الشرقية واعتبار أهالي الضفة الغربية مواطنين أردنيين حتى عام 1988 عندما قرر الملك حسين الراحل فك الارتباط القانوني والإداري والمالي (قرار فك الارتباط) بناء على طلب منظمة التحرير الفلسطينية، باستثناء الأوقاف التي بقيت مرتبطة مع الحكومة الأردنية حتى اليوم من إشراف وتعيينات وصيانة للأوقاف المسيحية والإسلامية والتزامات مالية.
 
في 5 حزيران 1967 احتلت "إسرائيل" أراضي الضفة الغربية (وأراضٍ أخرى) إبان حرب الأيام الستة (النكسة) ولا تزال الضفة خاضعة لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة للأراضي المحتلة. على الرغم من ذلك قامت "إسرائيل" ببناء العديد من الـمستوطنات في الضفة.
 
كما قامت "إسرائيل" بضم شرقي القدس وضواحيها، بشكل أحادي الجانب، لم يعترف بشرعية المجتمع الدولي.
 
في عام 1993 وقع الاحتلال الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية أوسلو التي نصت على إقامة حكومة ذاتية فلسطينية تدير الحياة المدنية في الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية، على أن تستأنف المفاوضات في القضايا المتبقية، كالقدس واللاجئين.
 
وبالفعل وفي عام 1994 أقيمت السلطة الوطنية الفلسطينية في بعض المدن والقرى الفلسطينية بالتدريج، ولكنها منذ انتفاضة الأقصى لا تستطيع القيام بواجباتها بشكل ناجح.
 
المعابر
أنشأت "إسرائيل" بعد احتلالها للضفة وغزة معبرًا إلى الأردن، أصبح يعرف بـ "جسر الملك حسين" أو "معبر الكرامة" (حسب التسمية العربية)، و"جسر اللنبي" (التسمية العبرية)، حيث يبعد (55 كيلومترًا غرب عمّان)، وتم تخصيصه لتنقل أبناء الضفة الغربية بشكل أساس.
 
ويعد المعبر المنفذ الرئيسي للفلسطينيين بالضفة الغربية، وصلة الوصل إلى العالم الخارجي عن طريق الحدود الأردنية، حيث تم افتتاح المعبر بعد ستة أشهر من بدء الاحتلال، بموجب الأمر العسكري رقم (175) الذي سمي "أمر بشأن محطة انتقال".
 
ثم أضافت إليه معبرًا آخر هو جسر "الشيخ حسين" (90 كيلومترًا شمال عمّان)، كمعبر تجاري، خصص لاحقًا لمرور "الإسرائيليين" والسياح الأجانب، بالإضافة إلى حملة الهوية "الإسرائيلية" من فلسطينيي الداخل المحتل.
 
ولتسهيل انتقال فلسطيني الضفة الغربية إلى الخارج، أصدرت الأردن بعد عام 1967 جوازات سفر للمواطنين القاطنين في الضفة الغربية وشرقي القدس.
 
وفي عام 1993، حصلت السلطة  الفلسطينية على إشراف جزئي على معبر الكرامة بالضفة الغربية وفقاً لإتفاقية أوسلو التي وقعتها كلا من منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي.
 
وبذلك أصبحت السلطة الفلسطينية مسؤولة عن إصدار جوازات سفر لفلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي بقي المسؤول الأول والأخير على هذا المعبرـ حيث يمتلك صلاحية الأمن، والسيطرة، وتفتيش الأمتعة والمسافرين، ومنع أي شخص من الدخول والخروج عبر المعبر.
 
أريحا .. أول الوصول
كانت مدينة أريحا (شرقي الضفة الغربية) أول مدينة تدخلها السلطة الفلسطينية، بعد عودتها من المنفى، فيما عُرف باسم (غزة اريحا أولا) ثم امتد نفوذ السلطة لبقية مناطق الضفة الغربية.
 
وقسمت اتفاقية اوسلو الضفة الغربية إلى ثلاثة مناطق مناطق (أ) والتي فيها السيطرة الأمنية والإدارية للسلطة، و(ب) والتي تكون فيها السيطرة الإدارية للسلطة والأمنية للاحتلال، والمنطقة (ج) التي تكون فيها السيطرة الأمنية والإدارية للاحتلال والتي تشكل أكثر من 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية.
 
وتعتبر مدينة رام الله العاصمة السياسية للضفة حيث يقع فيها مقر الرئاسة المقاطعة ومقر المجلس التشريعي وأغلب مقرات الوزارات.
 
جدار الفصل العنصري
وبدأت سلطات الاحتلال، برئاسة أرييل شارون، في بناء الجدار على أراضي الضفة الغربية، عام 2002، لعزلها عن القدس المحتلة بدعوى "منع تنفيذ هجمات فلسطينية" على المستوطنات، لكن الجدار - الذي يُطلق عليه الفلسطينيون "جدار الفصل العنصري" - قضم الكثير من الأراضي الفلسطينية وساهم في إحكام الحصار على الشعب الفلسطيني وإفقار اقتصاده الوطني بشكل كبير.
 
ووفق تقديرات فلسطينية، فإن الجدار التهم حوالي 680 كيلومترا مربعا، أي أنه يلتهم نحو 12 في المائة من مساحة أراضي الضفة الغربية، كما عزل مدن وبلدات بكاملها عن محيطها الفلسطيني.
 
وفي العام 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية، التابعة للأمم المتحدة، قرارا استشاريا، يقضي بإدانة وتجريم الجدار.
 
نفوذ إسرائيلي
في نهاية عام 2018، بلغت مساحة أراضي الضفة الغربية، التي تسيطر عليها "إسرائيل" حوالي 51.6 في المائة، بحسب بيانات دائرة شؤون المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
 
ووفق البيانات، فإن مساحة مناطق النفوذ في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة بلغت نسبتها حوالي 9.3 في المائة من إجمالي مساحة الضفة، يخدمها شبكة طرق على مساحة 2.3  في المائة من الضفة الغربية.
 
ووصل عدد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الفلسطينية، نهاية 2019، إلى حوالي 150 مستوطنة، و128 بؤرة استيطانية (غير مرخصة إسرائيليا)، بالإضافة إلى 15 مستوطنة في مدينة القدس المحتلة.
 
وتشير البيانات إلى أن سلطات الاحتلال شيدت 25 منطقة صناعية استيطانية في الضفة الغربية، بالإضافة لمنطقة صناعية واحدة في مدينة القدس.
 
أما المساحات التي يغلقها الاحتلال بدعوى أنها منطقة عسكرية مغلقة فقد شغلت حتى العام الحالي، ما نسبته 20 في المائة من إجمالي مساحة الضفة التي يوجد فيها 94 قاعدة عسكرية إسرائيلية.
 
وتسيطر سلطات الاحتلال على 20 في المائة من مساحة الضفة الغربية بدعوى أنها أراضي دولة، بحسب دائرة شؤون المفاوضات.
 
وشهد عام 2018، بحسب بيانات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، زيادة كبيرة في وتيرة بناء وتوسيع المستوطنات بالضفة، حيث صادقت الحكومة الإسرائيلية في ذلك العام على بناء حوالي أكثر من 9300 وحدة استيطانية جديدة، بالإضافة إلى إقامة 9 بؤر استعمارية أُخرى.
 
وعزل جدار الضم والتوسّع الإسرائيلي (الفصل العنصري) أكثر من 12 في المائة من مساحة الضفة الغربية، وفق بيانات المركز الإحصاء الفلسطيني.
 
حتّى مطلع العام 2019، بلغ عدد مستوطني الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس نحو 670 ألف مستوطن، منهم 228 ألف و500 مستوطن في مدينة القدس.
 
المقاومة بالضفة
لعبت الضفة الغربية دورا مهما في مقاومة الاحتلال منذ الانتداب البريطاني فكانت مدينة جنين انطلاق ثورة "عز الدين القسام" في عام 1935، كذلك احتضنت قرية "القسطل" (قرب مدينة القدس عبد القادر الحسيني) الذي قاد معركة ضد العصابات الصهيونية عام 1948 واستشهد على أرضها.
 
فيما كانت الأغوار (شرقي الضفة الغربية) مناطق هامة لتسلل الفدائيين إلى فلسطين المحتلة لتنفيذ عمليات فدائية.
 
كما لعبت الضفة الغربية، دورا مهما خلال "انتفاضة الحجارة" (1987-1994)، كما كان لها دور كبير في "انتفاضة الأقصى" التي اندلعت عام 2000 وأسفرت العمليات الفدائية التي نفذها أبناء الضفة عن مقتل العشرات من الإسرائيليين.
 
في نهاية آذار/ مارس 2002 شن الاحتلال عملية عسكرية كبيرة على الضفة الغربية، أطلق عليها اسم "السور الواقي" وذلك للقضاء على العمليات الفدائية التي كانت تخرج من مدن الضفة الغربية حيث كانت تستهدف بشكل كبير مدينتي جنين ونابلس شمالي الضفة الغربية.
 
وتم في تلك العملية العسكرية، محاصرة مقر الرئاسة في رام الله ودكه بقذائف الدبابات، وأعاد "اسرائيل" احتلال المدن الفلسطينية التي سلمتها للسلطة عام 1994، وقطعت أوصال الضفة.
 
كما احتضنت الضفة انتفاضة القدس في تشرين أول/ أكتوبر 2015 والتي اشتهرت بعمليات الدهس والطعن.
وقدمت الصفة الغربية الكثير من رجالها شهداء او معتقلين او جرحى..كما قدمت الكثير من القادة الوطنيين والمفكرين وقادة الراي والمشروع الوطني الفلسطيني..
 
صفقة القرن
وتعد الضفة الغربية الهدف الرئيسي لصفقة القرن حيث تسعى دولة الاحتلال لضم أراضها إلى ما يعرف بـ"دولة إسرائيل" وفرض أمر واقع لينسف بذلك التسوية التي تقوم على ساس حل الدولتين.
 
وفي 28 كانون ثاني/يناير الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، خطة تتضمن إقامة دولة فلسطينية في صورة "أرخبيل" تربطه جسور وأنفاق، وعاصمتها “في أجزاء من القدس الشرقية”، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة موحدة مزعومة لإسرائيل، وحل قضية اللاجئين خارج حدود إسرائيل.
 
وتسمح الخطة للاحتلال الإسرائيلي بجعل مدينة القدس عاصمة غير مقسمة لـ "إسرائيل"، وبما يضمن لها تفريغ القدس من أهلها وجعل الفلسطينيين فيها أقلية، بحسب خبراء.
 
وتسمح الخطة كذلك، بضم ما بين 30 - 40 في المائة، من أراضي المنطقة "ج"، والتي تشكّل 61 في المائة من مساحة الضفة، وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية كاملة؛ ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها، ولن يكون لها أي تواصل جغرافي حتى مع دول الجوار.
 
فيما ستُعد السيطرة الاسرائيلية، على منطقة الأغوار التي تشكل 27 في المائة من مساحة الضفة الغربية، وتعتبر السلة الغذائية للضفة، ضربة كبيرة  لحلم إقامة الدولة الفلسطينية.
مواضيع ذات صلة
باحات الأقصى.. مهد الثورات والانتفاضات (إطار)
شكّلت الانتهاكات الإسرائيلية المتتالية بحق المسجد الأقصى على مدار العقود الماضية، محرّكا أساسيا لثورات وانتفاضات شعبية عمّت مختلف ...
2017-07-21 10:18:46
الأمم المتحدة: مبدأ المحاسبة على الجرائم بسورية في غاية الأهمية والحساسية
أكدت الأمم المتحدة، أن مبدأ المحاسبة على الجرائم المرتكبة بسورية "في غاية الأهمية والحساسية"، في الوقت الذي دعت فيه إلى إيجاد حل س...
2017-05-16 05:48:37
نابلس.. الاحتلال يقتحم منازل عائلات شهيدين ويهددها بالإبعاد إلى غزة
اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، منازل عائلتي وأقارب شهيدين فلسطينييين جنوب مدينة نابلس (الواقعة شمال القدس المحتلة)...
2016-03-04 11:10:51