سيناريوهات ما بعد "أبو مازن".. السلطة إلى أين؟

وسط غياب لمؤسسة تشريعية فلسطينية منتخبة، تضمن انتقالاً سلساً للسلطة، كما حصل بعد أن استلم روحي فتوح عام 2004 السلطة، وسلـّمها للرئيس محمود عباس "أبو مازن" عقب انتخابات رئاسية، لكن من يومها حتى اللحظة، لم تجرِ أي انتخابات، عقب الانقسام الفلسطيني وحل المجلس التشريعي، وأخيراً تأجيل أو إلغاء الانتخابات، بعد ربطها بموافقة الاحتلال على إجرائها في القدس المحتلة.
في حال غياب "أبو مازن" عن قيادة السلطة بالمرض أو الاستقالة، ما البدائل المطروحة؟ وما أثر غيابه على السلطة؟ أم أن الشعب الفلسطيني سيتمكن من انتخاب شخصية مستقلة تدعم النضال الفلسطيني الطويل؟
رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، قال لـ"قدس برس": إن السؤال حول ما بعد مرحلة الرئيس محمود عباس ليس بالجديد، ونوقش عام 2004، وكان السؤال لو رحل ياسر عرفات ماذا سيحل في السلطة؟
ونوّه الشوبكي إلى أن هناك جهوداً خلال العقد المنصرم حصلت لمأسسة عمل السلطة منذ تولي سلام فياض رئاسة الحكومة، وكان العنوان الأبرز هو "السيستم أقوى من الأشخاص"، وهذا ما حصل مهما كان الشخص الذي سيتولى السلطة، سوف تبقى تعمل على نفس آليتها الحالية، والتي حولتها لبلدية كبرى من أجل تقديم الخدمات فقط، وهذا حتى ما أثبته تصريح السلطة قبل فترة، عندما تم الإعلان عن خدمة 4G ولم الشمل بأنه إنجاز للسلطة، وهذا أمور كلها تأتي تحت إطار تقديم الخدمات، وليس الأولويات الوطنية التي بدأت السلطة من أجلها.
وأكد الشوبكي أن القيادة الحالية تدرك سقفها، وهو سقف خدماتي لن تتم تجاوزه لقضايا وطنية، وهذا هو الفرق بين القدرات والطموحات، فالسلطة مرتبطة بكل شيء في الاحتلال من الضرائب والتجارة والسفر حتى المياه والكهرباء.
وختم قائلاً: إن هذا ما تحدثت به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، عندما سئلت عن السماح لحماس بدخول الانتخابات التشريعية، وهي المصنفة كـ"حركة إرهابية"، فأجابت بشكل مختصر "إن حماس إذا دخلت الحكومة فسوف تبذل جهودها لتوفير حقائب الدراسة لطلاب المدارس، بدل الحقائب الناسفة".
بدوره قال نائب رئيس المجلس التشريعي السابق حسن خريشة في حديث إلى "قدس برس": إن السلطة كسلطة باقية، لأنها نتاج اتفاقيات دولية، واستثمارات صُرف عليها المليارات، وهو ليس قرار السلطة أو الشعب الفلسطيني، إنما قرار المجتمع الدولي الداعم الدائم للاحتلال.
وأضاف خريشة أنه يعتقد "إذا استمر الحال على ما هو عليه، ستصبح السلطة عبارة عن روابط قرى جديدة، لها أجهزتها الأمنية والقضائية، وسيكون الواقع مرهونا بالرؤية الإسرائيلية". 
وأكد أن الحديث عن تغيير شخص بشخص وحصول تغيير في السياسات وطرق التعامل، يحصل في الدول الأخرى، ولكن عندنا لن يختلف شيء، لأنه لن يحصل بصورة مؤسساتية يدعمها الشعب، هذه الصورة المغيّبة بقرار حل وبقرار تأجيل الانتخابات، وهذا تغييب لصوت الشعب في أي تغيير قادم.
وفي مقال سابق تحدث الكاتب اللبناني خير الله خير الله عن مرحلة ما بعد أبو مازن قائلاً: لا ضرورة لإعلان "أبو مازن" عن تنحيه أو عن رغبته في البقاء "رئيساً" حتّى اليوم الأخير من حياته، كي يحصل اعتراف بأنّ هناك مرحلة فلسطينية انتهت. في السنوات الأخيرة من تلك المرحلة التي شهدت انفصال غزّة عن الضفة الغربية واقتصار العلاقة الفلسطينية – الإسرائيلية على التنسيق الأمني، ثمّة حاجة إلى التفكير بطريقة مختلفة. البداية تكون بطرح أسئلة من نوع أي جيل سيقود الفلسطينيين في المرحلة المقبلة، بعدما استنزف الوقت القيادة التي جاءت من خارج بعد اتفاق أوسلو؟
الثابت الوحيد في المرحلة التي يبدو أن القضيّة الفلسطينية مقبلة عليها هو الشعب الفلسطيني، الذي لا يمكن حذفه من المعادلة الشرق أوسطية. يكشف وجود هذا الشعب قصر النظر الإسرائيلي الذي لن تعوّض عنه إدارة دونالد ترامب التي تنوي طرح مشروع للمنطقة من خلال نظرة شمولية. يفترض في مثل هذه النظرة الشمولية، في حال كان مطلوباً أن تكون لديها فرصة في النجاح، عدم تجاهل أنّ من الصعب إلغاء شعب يمتلك هوية وطنية، ويمتلك أرضاً مهما حققت إسرائيل من نجاحات عسكرية... ومهما كان الوضع العربي مزرياً.
يذكر أنه بحسب المادة 37 من القانون الأساسي الفلسطيني، في حال شغور منصب رئاسة السلطة، بالاستقالة أو الوفاة، يتولى المنصب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، والذي شغله القيادي في حركة حماس عزيز الدويك، منذ 18 شباط/ فبراير 2006 وحتى حل المجلس في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2018.
مواضيع ذات صلة
بعد مؤتمر بيروت وزيارة هنية.. فلسطينيو لبنان إلى أين؟
رسمت زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" اسماعيل هنية، إلى مخيمات لبنان، العام الحالي، والتي تخللها إقامة مؤ...
2020-12-31 15:42:36
بعد تبادل الاتهامات العلنية.. العلاقات الأردنية الإسرائيلية إلى أين؟
دفعت حادثة منع الأردن عبور طائرة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو الإمارات، الخميس الماضي 11 آذار/مارس، بمسار ال...
2021-03-16 20:53:29
بعد تصاعد الخلافات داخلها.. جماعة الإخوان في مصر إلى أين؟
أثار تصاعد الخلافات بين قيادات ورموز في جماعة الإخوان المسلمين بمصر، تساؤلات حول طبيعتها، والأسباب الحقيقية التي تقف وراءها، وانعك...
2021-10-13 18:40:11